رابط المقال http://almesryoon.com/permalink/29828.html واللي يشتري الجريدة يشتري لي نسخة معاه الله يكرمه .
أعتقد أنه لا خلاف على أن المنتفع الأول من القرض هو المقترض ، أما المقرض فمصلحته في القرض قد تكون وقد لا تكون وان كانت فهي ثانوية ، حكاية يعرفها الناس في قريتنا أن مقرضا طلب ممن يستلف منه أن يقبل يده قبل أن يعطه مبلغ الدين فلما استنكر المقترض ذلك عليه إعتذر له قائلا : عندما يحين وقت رد المال سوف أقبل أنا قدمك ، غير أن تجربة إقراض الولايات المتحدة لمصر خلال الخمسة وثلاثين عاما الماضية بدلت تلك المفاهيم في دنيا السلف ، فالسلفة الأولي التي ضخها السادات في مرتبات الموظفين ضخ في ذهن الشعب المصري معها أن معاهدة السلام مع الصهاينة سوف تحمل معها جنتين عن يمين وشمال يستبدل بهما أكل خمط وأثل وشيئ من سدر قليل أورثهم اياه سلفه الذي تحالف مع السوفييت الفقراء المتسولين ، وظهر التفاح الأمريكاني في شوارع القاهرة بعد أن كان دليلا على زيارة من يحوزه المنطقة الحرة في بورسعيد وظهرت معه أنماط استهلاكية دعمتها حملة إعلانية مركزة استهلها حسن عابدين بسر شويبس وروجت لها نيلي في جوائز فوازير " تمبوكة " وتسربت الولايات المتحدة من خلال تلك المعونة إلي كل الوزارات وزار المندوبون " الساميون " قري الدلتا ورأوا للمرة الأولي " حلاوة أم اسماعيل في وسط عيالها " ، وكتب المندوبون تقاريرهم عن التفاصيل الدقيقة للجهاز البيروقراطي والإداري المصري .. أعدادا وعادات وأفكارا وتوجهات ، ومع منتصف الثمانينات بلغ عدد موظفي السفارة الأمريكية أكثر من خمسمائة فرد معظمهم منسقون للبعثات القادمة بالقروض ، رافعين شعارا مصريا وطنيا خالصا : " من دقنه وافتل له " وهو ما يعني أن أجر الخواجات " الساميون " يدفع من أصل القرض تحدده الجهة المقرضة فيبقي من القرض نصفه أو زد عليه قليلا ، ومع سرطان الإستقطاب السياسي في الجهاز الإداري للدولة و هو ما أنتج بالتبعية واحدا من أفسد أجهزة المحليات في العالم أصبحت المعونة الأمريكية تصب مباشرة في جيوب " البهوات " ثمنا للولاء السياسي من خلال مشروعات وهمية ، ومل المندوبون " الساميون " زيارات قرانا " الطافحة " بمياه المجاري أو استنشاق هواء الريف المشبع بالمبيدات فاكتفوا بالتقارير الدقيقة التي يكتبها " المتدربون " المصريون وقد أثبتوا كفاءة في النقل حتي أن الشخصية المصرية أصبحت محددة المعالم أمام صانع القرار في واشنطن وتل أبيب أكثر حتي من نظرائهم في القاهرة ، إن الشعب المصري لم يقبض المعونة الأمريكية ولم يستفد بها وانما استفادت منها أمريكا في التجسس على مصر والإضرار بها واستفاد بها عملاء في الداخل قتلوا ما يزيد على عشرين مليونا بأمراض ناشئة عن تلوث البيئة بالمواد المسرطنة وأمراض اخري فضلا عن تثبيت أركان نظام فاشي مجرم دمر ثلاثة أجيال كاملة ليس له من معين سوي أمريكا ومعونتها ، كنت أتوقع من السيد عمرو موسي وهو يدعوا الي حوار استراتيجي مع الولايات المتحدة أن يجهر بأن ربع الدخل القومي الذي يهدر خدمة للدين الخارجي هو الموضوع الأول للحوار باعتباره دينا غير مستحق استفادت منه الدولة المقرضة بل وأضرت من خلاله بالشعب المصري ضررا بالغا موجبا للتعويض وإن أقل تعويض ممكن هو اسقاط تلك الديون ولعل من الجائز توجيه السؤال الجنائي لحكام تلك الحقبة عن مال أمريكا وفيم أفنوه كما يجوز سؤالهم عن ثلاثين عاما من عمرنا وفيم أبلوه .