رابط المقال
http://www.kfrelshikh.com/election_Details.aspx?Kind=94&News_ID=2722
كدت أطير من الفرحة عندما فتحت الأطلس المدرسي قبل ثلاثين عاما فوجدت اسم " مصرف بحر نشرت " الذي يبتعد كيلومتر واحد عن قريتي " شباس عمير " يشير إلي مسار المصرف في وسط الدلتا يخترقها ليصب في بحيرة البرلس ، ولعل من حفر المصرف وصمم مساره كان يتعشم أن يظل مصرفا لمياه ري الحقول الزراعية التي لم يكن منها ضرر جسيم ، والمخلفات الخفيفة للمجاري باعتبار أنه في ذلك الوقت كانت مجرورات القري ترسب مخلفاتها الثقيلة في الامتار الاولي منها ، والحقيقة أن مصرف بحر نشرت والعشرة مصارف الأخر التي تصب في البحيرة المهملة لم تكن بهذه الحالة الخطيرة جدا التي هى عليها الآن والتي تجعل من تحويل مجري تلك المصارف عن البحيرة أمرا ملحا طورت البحيرة أو لم تطور .
في البحث المنشور لوزارة شئون البيئة تحت عنوان " نتائج الرحلة الحقلية الرابعة مايو2011 " والذي ربما تعوزه الدقة في كثير من المعلومات خاصة ما يتعلق بمساحة البحيرة غير أنه يبقى صالحا كمؤشر في بعض البيانات .
يقع متوسط عمق البحيرة – طبقا للدراسة – نحو ثمانين سنتيمترا وهو متوسط يقع بين ثلاثين ومائة وثمانين سنتيمترا ، كما أنها غنية بالنباتات والكائنات البحرية ورغم ثقتي الكاملة في أن بقية البيانات التي احتوت عليها دراسة وزارة البيئة كلها فبركة مكاتب إلا أنها لا تخلوا من قيمة على الأقل كمؤشر كما أسلفت .
إذا عدنا بالزمن خمسين عاما وزرنا البرلس ثم زرنا دبي فسنجد أن كلتا المدينتين تعيشان على الصيد غير أن البرلس ستتميز بخصوبة تربتها وجودة محاصيلها الخاصة جدا بها ، ولو عدنا مائة عام وزرنا البرلس وكيب تاون لوجدنا أن بلطيم مهيئة لتطوير عمراني وسياحي كبيرين وحتى أكبر من كيب تاون كون البرلس تتميز بأرضها السهلية التي لا تري فيها عوجا ولا أمتا اللهم إلا من تلال الكثبان الرملية البسيطة عكس كيب تاون التي تأتيها الجبال من كل مكان ....... وللأسف وبعد مرور تلك المدة الطويلة لا يمكن أبدا عقد ثمة مقارنة بين سهول البرلس وبين كثير من المدن الساحلية في دول العالم الثالث التي طالتها يد التطوير مستغلة إمكانات لم تبلغ معشار ما هى عليه في البرلس الجميلة .
قبل مائة عام وكحال كل المدن الساحلية في العالم ينحصرأقصى طموح السكان لإستغلال المسطحات المائية في صيد الأسماك حتي إذا اكتفوا محليا منها طوروا عملهم إلي نقلها وبيعها أو تصنيعها ... هذا هو الفكر الفطري البدائي لكل قرية حاضرة البحر يسيطر على قوتهم وعملهم وحتي أفكارهم وأسمائهم فأغنياؤهم حيتان وفقراؤهم "بسارية " ومشكلاتهم " دوامات " إلي آخر تلك الثقافة التلقائية البسيطة .
ولم تكن الحكومات التي سبقت ثورتنا المجيدة تعير ثمة اهتمام إلي أفكار التطوير فبقيت على حالها دار ابن لقمان رمزا للبراري ومنفي يعاقب به الموظفون الآثمون ومطمعا لمجرمي نظام حسني مبارك ، غاية الناس فيها أياما معدودات في الصيف باعتباره المصيف الأرخص ارضاء لأبنائهم في رغبتهم نزول البحر ، وظلت شواطئها تحرز واحدة من أكبر نسب الغرق على مستوى الجمهورية عشرات السنين.
تعتبر منطقة الوتر فرنت في مدينة كيب تاون بجنوب إفريقية نموذجا مصغرا لبحيرة البرلس غير أن بحيرة البرلس تمتاز على الوترفرنت بمساحتها الضخمة وكثرة الجزر بداخلها وكون المياه فيها ليست بالعمق المخيف بما يسمح بالألعاب المائية بالإضافة إلي خلو المياه من اسماك القرش وبالتأكيد فإن أسماك القرش لن تأتي أبدا لكي تعيش في مخلفات مصرف بحر نشرت وأترك للقارئ ما يريد أن يعرفه عن منطقة الوترفرونت في كيب تاون من خلال موقعها غير أنه يجدر ذكر أن تلك المنطقة تجذب القسم الأكبر من السياح في جنوب إفريقية البالغ عددهم اربعين مليونا سنويا بما تتمتع به من تخطيط عمراني يناسب طبيعتها المائية وفنادق وشقق فندقية ومطاعم ومركبات مائية والعدد الضخم من المحلات المؤجرة والتي تبيع كل شئ بدءا ببيض النعام وانتهاء باليخوت الفاخرة التي تتجاوز اثمانها مخيلتي المتواضعة ، غير أن ما يلفت النظر أن احصائيات غرفة السياحة بكيب تاون تؤكد أن نحو مائتا ألف سعودي يقطعون تسعة آلاف كيلو متر كل عام ليأووا إلي الوتر فرونت هربا من صيف السعودية الحار ليتعدي إنفاقهم المليار دولار بما يحقق دخل سنوي للدولة هناك متحصل من الضريبة على المنشآت السياحية وضريبة المبيعات يتجاوزالثلاثمائة مليون دولار بالإضافة إلي عدة آلاف من الوظائف تتخصص في خدمة الوافدين من الخليج فضلا عن ملايين السياح الأوربيين الذين لا يتسع المجال لبيان أهميتهم السياحية هناك .
إن قدرات بحيرة البرلس ربما تتجاوز قدرات منطقة الجميرة في دبي من ناحية القدرة على استيعاب الأبراج الضخمة كونها لا تحتاج إلي ردم البحر كما حدث في الإمارات التي أنفقت عشرات المليارات على الردم حتي يستطيع حمل تلك الأبراج أما في البرلس فإن أقتطاع مائة فدان في أحد أركانها لإقامة أبراج مماثلة لا يتعدي حجم التكلفة بالنسبة له ثمن الأرض وثمن مواد البناء كون البحيرة صالحة للبناء لإقامة مدينة مائية متكاملة على مساحة المائة فدان التي لا تتجاوز نسبتها واحد في المائة من مساحة البحيرة ومحققة دخلا يفوق مائة ضعف ما تدره تربية الأسماك فيها خصوصا مع توسعة البوغاز وتطهيره لزيادة التبادل المائي بين البحيرة والأبيض المتوسط ..
إن تطوير مناطق مثل برج مغيزل وربطها بخطة تطوير رأس البر ورشيد لابد وأن يستتبع تطوير منطقة البرلس بنفس المعدل لعدم حاجة تلك المناطق الي شق طرق رئيسية كبيرة كونها مربوطة بالإسكندرية بالطريق الدولي الساحلي .
إن أربعين كليومترا تفصل شباس عمير عن بحيرة البرلس وهى مسافة قصيرة بحساب الطرق العادية وليست طرق ثلاثين عاما من الفساد ولكن بحسبان أن التطوير ممكن فإن تسهيل الرخص السياحية يتوقع معه أن تبدأ جماعة ناشئة من أصحاب البيوت الريفية في التطلع الي استغلالها " لودج " يقدم سريرا وافطارا كما هو الحال في كل الدول التي تحتوي على ريف خلاب كحال الريف المصري وهو ما يعطي آمالا لسكان مناطق عمق كفر الشيخ في الجنوبية في الإستفادة من تطوير منطقة البرلس بتنظيم رحلات مكملة أو ملحقة إلي القري التي تتناثر حول البحيرة الجميلة
ساعتان تفصلان البرلس عن تركيا وساعتان عن جدة و ساعتان عن طرابلس وثلاث ساعات عن روما وساعتان ونصف عن الخرطوم .. إنني أشعر أن كفر الشيخ هى قلب العالم .