لم تكن الملحاية مكانا طبيعيا لممارسة الرياضة من ناحية تربتها أو محيطها فتربتها سيئة ويحيط بها من الجنوب والشرق مجرور المسجد وما ان تسقط الكرة في المجرور حتي تتوسطه فيلتقط بعض اللاعبين حجارة ويقذفون الكرة حتي تستقر على ( الحرف ) وأحيانا كانت تلف وتعود الي نفس المكان فلم يكن من بد سوي ان يشمر أحد الرفاق بنطلونه الكستور وينزل في المجرور متحديا ما يحمله باطنه من حيوانات نافقة وزجاج وما تنفيه حمامات المسجد وميضته عبر النفق الطويل .
كان الملعب مقسما بما يحمله الواقع فالكبار لهم اماكن واسعة يختارون ابعادها و الشباب لهم أماكن أضيق أما نحن فكنا نكتفي بمكان ضيق بجوار الكنيسة ونقوم بعمل مرميين بالشباشب وقوالب الطوب ونقيس المرميين بالخطوة وطالما كان الحارس يغافل الفريق الآخر ويقوم بتضييق المرمي حتي تسهل له عملية التصدي للكرة وهو ما يستدعي اعادة ( المقاسة ) بين الحين والآخر .
كانت تقسيمه الفرق عملية فنية تكتيكية فاللاعبون من عائلتي شاهين والخطيب أمهر اللاعبين وهم موهوبون بالفطرة ومن أجل احداث توازن بين الفريقين نضع قواعد الإختيار في التقسيمة فمحمد مصطفي الخطيب هو الأمهر على الإطلاق ولذلك فالقاعدة أثناء التقسيم أن (اللي يختار الأول ما يختارش محمد الخطيب ) ويقع الإختيار الأول إما على ممدوح حسان أو ماهر شاهين وعندما يكثر عدد اللاعبين يقسم وقت اللعب بين ثلاث فرق وتعرف نهاية المباراة بالفورة التي غالبا ما تكون من ستة أما إن كانوا ثلاث فرق فالفورة تكون من إثنين وجرت العادة أن يكون الحكم من الفريق الذي ينتظر وإن وجد الحكم أن الفورة قد زاد وقتها عن الحد المحتمل يقوم باحتساب بلنتي ولو كان من خارج منطقة الجزاء التي نرسم لها تصورا في عقولنا يضيق ويتسع مع ذمة الحكم. ومع اتساع الملحاية وتعدد الملاعب بها تعددت الفرق ومع تعدد فرق الكرة ظهرت في قريتنا فرق جديدة تفردت بها دون غيرها من القري .
- كانت إطلاق الشاب للحيتة أمر خطير يودي بصاحبه الي التهلكة و وعندما بدأ نفر من الشباب في اطلاق لحاهم أسماهم البعض ( الذقون ) وتردد علي ألسنة الأهالي أن الدقون عملوا والدقون خلوا والدقون بيصلوا لوحدهم بعد الناس ما تصلي ولازم يكون الإمام دقن والمباحث لمت الدقون . وهكذا كان ظهور الفكر الإسلامي في قريتنا ظهورا تعلق في جوهره بالمظهر الناقض لإلف العادة عند معظم الأهالي فانصرف الناس الي وصف الرسم بعدما وجدوا غلظة شديدة في محاولتهم فهم الفكر بعقولهم البسيطة الهادئة التي هى ولا شك نتاج سنوات القهر والظلم والأمية ، انتشرت شائعات أن فلان يقسم الأرز في الطبق الواحد مع ابيه ويضع بملعقته خطا فاصلا بين الناحية التي يأكل منها ابواه وبين ناحيته لانهما من أهل الجاهلية الأولي أما هو فقد أنار الله قلبه بنور الإسلام ، كانت التقسيمة غير متوازنة بين المتعلمين والأميين ولم تكن هناك العدالة الكافية للإختيار بين الفريقين فنحن الآن في السنوات الأولي من البعثة ولابد من انطباق النموذج بحذافيره ما عدا أسماء الفريقين مع أهمال كامل لفقه الواقع وما يقتضيه من وضع الحكمة مكانها الرفيع وأنكر الأهالي المتلزمين الجدد بعد ما قاموا بتكفيرهم وتسفيه كل ماضيهم في العبادة والذكر وحب أولياء الله الصالحين . وهكذا بدأ الفكر الإسلامي في شباس عمير فكر يقوم على الفرق وعليك أنت أن تختار الإنضمام الي الفرقة الناجية أو تظل مع أهل الجاهلية الأولي ، عليك ان تحكم عقلك الغير مدرب سنوات طويلة على اختيار الفريق ولتحذر من الخيار إذ لو أخطأت في اختيار فرقة من ثلاث وسبعين فرقة فأنت لا محالة في النار ، كنا نشعر بتحدي من يدعونا لنكون في فريقه فهو يعرض علينا سلعته التي تحملنا الي الجنة أما بقية السلع فهي ولا شك في رأيه مسمومة تودي بك الي الهلاك والإختيار لك . وكان طبعا خيارنا أن نظل على ما نحن عليه من دون اختيار فنحن نثق أن عقولنا في المراحل الأولي لن تهدينا إلي سواء السبيل .
- دعاني صديقي شكري إلي مجموعة محاضرات يلقيها الدكتور عزام التميمي في جامعة السلام الدولية في كيب تاون باللغة الإنجليزية عن الديمقراطية و الإسلام ، ثمان محاضرات ورسم الإشتراك مائة وخمسون راندا ، في المحاضرة الثالثة أخبرنا عزام التميمي أن حسن البنا عندما أسس جماعة الإخوان المسلمين لم يكن يقصد تأسيس فرقة من الفرق الإسلامية التي إن أخطأ الفرد في اختيارها فهو في النار وإنما أسس جمعية لها أهداف معينة منها طرد الإستعمار البريطاني وتحكيم الشريعة الإسلامية وأنها جماعة متخصصة من المسلمين وليست جماعة المسلمين وأن كثيرا من المسلمين الصالحين لا يقومون بأعباء وتبعة الإنضمام اليها لأنهم غير مؤهلين لذلك ومع ذلك فهي لا تنكر عليهم عدم وجودهم في الصف ولا تنكر عليهم اسلامهم وفي المقابل هى لا تلتزم بضم كل من يريد الإنضمام بل هناك اسس وقواعد لمن يستطيع أن يحمل تبعة الإلتزام العملي والإيمان القلبي بما يمليه تحقيق أهدافها المحددة على وجه الدقة والمصاعب والمخاطر والأهوال التي ربما يتعرض لها من يختار طريقها والإمام الشهيد يقول كم منا وليس فينا وكم فينا وليس منا ،هى كالجيش بالنسبة للشعب يدافع وينتقي من أبنائه من يستطيع أن يقوم بالأحمال الجسدية والنفسية والجيش ولا شك لا يضم المعوقين والشيوخ والنساء والأطفال رغم اعتباره لهم وقيامه برعايتهم واعترافه بالدور العظيم الذي يقومون به في الحياة المدنية ، شعرت في هذه اللحظة بقيمة الوقت الذي أضعناه ونحن نقيم الجماعات التي تذخر بها قريتنا ونحاول أن نلبس عباءة العلماء حتي تتسني لنا دقة التصويب ودقة اختيار الهدف في محل ليس للإختيار فيه نصيب كبير .
- عالج حسن البنا في ركن الفهم أصولا عشرينا لمن أراد أن يتبعه استهلها بأن الأسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا وبهذا لا يمكن لمن يعتنق الفكر العلماني أن يكون في الإخوان المسلمين ووضح مصادر التشريع في القرآن والسنة ووضع الإلهام والخواطر موضعها الصحيح من العمل وأنكر التمائم والودع والرمل والكهانة وبين وضع رأي اولي الأمر المطابق للشريعة والمخالف لها وقيمة قول السلف وأن الإختلاف الفقهي في الفروع ليس سببا للتفرق في الدين والخلاف بين الصحابة وموقف المسلمين منه وكل مسألة خلافية لا ينبني عليها عمل ووضع أصلا للتوحيد وأصلا للتعامل مع البدع وبيان المقصود بأولياء الله وزيارة القبور والتوسل بخلق الله والخداع اللفظي لمعاني الكلمات المستحدثة والفرق بين دلالتها الشرعية ودلالتها في العرف المستحدث وعلاقة العقيدة بالعمل وقمية العلم والعقل واختتم الأصول العشرين بأنه ولا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض ـ برأي أو بمعصية ـ إلا إن أقر بكلمة الكفر، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة، أو كذب صريح القرآن، أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال، أو عمل عملا لا يحتمل تأويلا غير الكفر .
- كان ركن الفهم صادما للإستعمار الإنجليزي ومن يلوذون به لانه أغلق كل النوافذ التي أراد الغرب ان يتسلل الي الإسلام منها بل وأهدر سنوات وسنوات من العمل حاول أن يهدم فيها الهيكل الفكري للإسلام وأن يستبدله بهيكل شكلي تتخذ منه الأمة الإسلامية منزلا كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت .
- تعتبر فكرة العلمانية أو فصل الدين عن الدولة فصلا كاملا خيارا استراتيجيا لبعض الأقليات الدينية في دول تشتد فيها الحمية الدينية وهذا هو حال الأقباط في مصر لقد كان تنامي الأفكار التي عالج بها ركن الفهم الإعوجاج في حال الأمة الفكري ومنها أصل شمولية الإسلام كان له رجعا غير محمود عند الكنيسة القبطية في مصر فأنكرته بقدر انكارها الإسلام داخلها ورغم فهم الكنيسة لأبعاد الخيار الإسلامي الذي يحرص على أمنها بقدر ما يحرص على حفظ السلم الإجتماعي بأوامر ونواهي ألهية يتقرب الي الله بها إلا أن العوامل الأخري التي نتجت عن معاهدة السلام مع اسرائيل واعتراف مصر على لسان رئيسها بأن امريكا تمتلك 99 في المائة من اوراق الشرق الأوسط ودخول مصر في عهد أسود مظلم اسمه عهد حسني مبارك كل هذا انحرف بالمعادلة انحرافا غير مسبوق جعل من البابا شنودة أحد أركان الحكم والإستقرار في مصر عندما كان يحضر قداس عيد القيامة عشرين من أعضاء الكونجرس الأمريكي .
وللحديث بقية

تسلم على هذا الجزء الرائع استاذ محمود دائما اسلوبك متميز وطريقة سردك للموضوع لها طابع خاص ....

إن كانت بعض الشخصيات التى ذكرتها فى فى موضوعك لا أعرفها ولكنى تمتعت بكتاباتك الرائعه كالعاده وبأسلوبك الرشيق الذى تعودنا عليه ومازلنا ننتظر المزيد لأننى عندما قرأت الأول وجدت نفسى فى إنتظار الثانى وبعدها أيضا كالمتواليات الرياضيه منتظر مايليها حتى كتب لنا الله العمر لقراءة الجزء الرابع فهل سنلحق بالخامس ولردى عليك بقيه إذا كان فى العمر بقيه
لا أتمنى لإبنى محمود إلا التوفيق لأننا المستفيدين الأوائل
وفقك الله دائما...............................................

لا يوجد من الكلمات مايعبر عن جمال وروعة اسلوب وموضوع معبر وشيق ومشوق بيحكى تاريخ مرحلة عدت ومرحلة بدات او بتبدا يا ترى يا سعادة المستشار زى ما اخدنا الفكر الاسلامى زمان من الملحاية والكنيسه لاكتر من اتجاه على حسب الميول وبردك على حسب شطارة عارض السلعه وقدرته على جزب الاخرين اليه هتاخدنا الملحاية والكنيسه والسراية على طريق الحرية والعدالة خاصة بعد سقوط مبارك واستمارات الاعتقال وملفات امن الدولة ؟؟؟
ويا ترى المرحلة القادمة هنشوف فى مصر تيار علمانى او شيعى خاصة بعد ما تعالت اصوات فصل الدين عن الدولة مؤخرا وطلب فرض الحماية على مصر من طرف اقباط المهجر لحماية الاقليات الدينيه ولا هيكون هناك تيار سلفى قوى قادر انه يوجه الناس الى تعاليم الدين الحنيف تساؤلات فجرتها سلسلة الملحاية والكنيسه والسراية

قشدة

مش عارف والله يا استاذ محمود شويه بحس وأنا بقرأ كلامك انى قاعد مع واحد صاحبى من البلد عمال بيحكيلى وشويه بحس انى قاعد بقرأ فى كتاب للجماعة الكاتبين الكبار حيرتنى يا حج انت مين فى دول ؟

روعة يا أستاذ محمود ومنتظرين المزيد دائماً . تمنياتي لك التوفيق

الأخ الكبير محمد عز العرب
اطلاقا ليس المقصود من المقال الدعاية للعدالة والحرية ، أنا عندي عقيدة حديثة أن الشعب عنده الوعي الكامل والكافي للإختيار ومش محتاج ان أحد أبدا يفرض عليه فكر معين او يؤثر عليه في اتجاه معين ، انا حاولت اعالج مشكلة الأقباط حسب وجهة نظري وقراءة الواقع ، ونقل الأحداث كما حدثت حسب معلوماتي وقد أكون مخطئ في شئ لذلك اكون سعيد جدا بتبادل وجهات النظر في الموضوع . وجزاكم الله خيرا
الأخ كمال الدين : رأيك في دائما يحرجني بارك الله فيك ، بالنسبة لسؤال حضرتك انامين في دول ؟ أنا الاولاني واحد صاحبك من البلد .
الأخ الفاضل حمادة غلمش جزاكم الله خيرا وبارك الله فيك

استاذى وحبيبى وأزكى مستشار فى مصر تحياتى لحضرتك وحابب اقول لحضرتك اننا فهمنا الواقع بشكل كبير من هذه السلسله والواجب ان تدرس لان من خلال سلسلة الملحاية والكبيسه والسراية عرفنا تاريخ المرحلة وبدايتها ومستمتعين جدا ومتشوقين لتكملة السلسلة القيمة وانا كان استفسارى من حضرتك مقصوده اى الاتجاهات اقوى وايهم اقرب للقيادة من وجهة نظرك والتى اثق فيها جدا لانه اذا حضر الماء بطل التيمم

قشدة

والله يا أخ محمد سؤالك مش صعب بس مش حأجاوب لأن انا متأكد طبعا مية في المية ان سيادتك عندك ما يفيدني في هذه المسألة وليس العكس ههههههههههه. بس برده اقدر اقولك رأيي ان هناك مشروعين في منطقة الشرق الأوسط الآن وكلاهما متعارضان تماما ، الأول مشروع استعماري تتنازع فيه كل من أوروبا والولايات المتحدة والصين المنطقة وروسيا بتحرمش حواليهم ، والمشروع الثاني هو المشروع الإسلامي والمشروعين متضادين تماما لان الغرب مصمم على نفوذه في المنطقة ولابد من المواجهة بين المشروعين عاجلا أو آجلا وطبعا أغلب الناس سوف تنحاز الي المشروع الإسلامي ولكن هناك فئات كثيرة لها مصالح مع الإستعمار . ربنا يستر

روعة يا مستشارنا ونحن في انتظار القادم
قادم قادم يا اسلام

لازم يا صاحبى فـ محنتك تاخد قرار

الليل بيفرد عتمته

دمعاية فوق خد النهار

والغالية كتفها الأسى

ونجومها ضلت فى المدار

حدد هوية لأمنياتك يا صديق

خلّى البراح فى خطوتك

على قد شوقك للطريق

علشان تلاقى سكّتك

وافلت بأنفاس أمتك

من بين نياب الاحتضار

خليك جدع

من غير تردد أو فزع

سمعنى إيه الاختيار

يا تعيش حصان

ياتعيش ....

حمار

الله يا عمدة على الكلام الجميل ، العمدة عمدة يا رجاله
بارك الله فيك يا أخي ونفعنا واياك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر