الساعة الثالثة فجر يوم الجمعة التالي لإنتخابات الجولة الأولي لمجلس الشعب 2000 وبعد أن وضعت رأسي طلبا للنوم النادر في تلك الأيام التي كنا نظن انها هامة أزعجني صوت متكرر لسيارات متكرر مرورها ظننت أنها حملة انتخابية قد عادت ادراجها بعد يوم نضالي طويل من أجل ( مصلحة البلد ) ولكن ظني تبدد بعد أن سمعت صوت أوامر بالإنتشار ( وانت تروح يمين وانت شمال ) عرفت أنها ليست حملة انتخابات ولكنها حملة اعتقالات بعد أن رأيت سيارة طويييييييييييييلة جدا تكفي ( لتعبئة ) الف شخص داخلها بالطريقة التي كنت اعرفها عن ( تعبئة وتغليف ) البشر في تلك الأيام السوداء . من طرف خفي تابعت الموقف من البلكونة وقد هالني عدد ( البوكسات ) وكلها تقف أمام بيتنا لثواني فأظن أنهم جاءوا ليقبضوا علي ثم تعود الي الخلف عدة امتار لتأخذ طريقها الي الطريق الرئيسي بعد ان انحرفت يسارا ناحية بيتنا بطريق الخطأ . مر المرحوم أحمد عثمان البربري راكبا حماره واضعا عليه ( جديا ) قاصدا سوق قطور لبيعه ، اعترضه الضابط وطلب منه العودة إلي المنزل ، لم يفطن المرحوم أحمد إلي ان الذي يطلب منه ذلك ضابط شرطة لأنه كان يرتدي زيا مدنيا فبدأ يناقشه ظنا منه أنه من ( شباب اليومين دول وبيستخف دمه ) ، طلب منه الضابط ( الخرزانه ) التي يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه فرفض بعنف ونظر إلي الضابط نظرة غضب مستحقة ، اشتعل غضب الضابط ( البطل ) فطلب من المخبرين انزاله من على الحمار وحمله الي السيارة الطويييييييييييييييلة جدا ولشدة تلطفهم به وبحالة الرقيق فقد أمر الضابط المخبرين بربط الحمار والجدي في العمود المقابل لمنزلي وجاءت زوجته عليها رحمة الله فأخذتهم في الصباح بعد أن سلمت أمر اعتقال زوجها لله ولم تك تملك سوي ذلك .
ظلت البوكسات تصول وتجول في القرية حتي الصباح وفي تلك الليلة تم اعتقال عدد كبير من الناس وكنا ننزل الي الشارع للسؤال عمن تم اعتقاله حتي إذا سمعنا صوت موتور سيارة قادمة هرولنا كل الي منزله فهم يعتقلون كل من يقابلهم في الشارع والدليل على ذلك انهم اعتقلوا ( فارس ) وهو مسيحي غير مهتم بالسياسة ولكنه قابلهم في الطريق قافلا من محل تصليح الأجهزة الكهربائية ، بعد عدد من المرات التي هلعنا فيها الي منازلنا حتي يمر البوكس ثم نعود لنتساءل عمن تم اعتقاله فيقولون فلان وفلان تربي لدينا حس فني سماعي مرهف ، فصوت موتور البوكس هادئ لأنه بنزين وصوت الميكروباص والنص نقل عالي لأنه جاز ومع سماع أصوات الموتورات تكرر كرنا وفرنا حتي العاشرة صباحا .
في حوالي السابعة جاء الحاج عبد الرزاق عثمان البربري مرتديا ملابس النوم ليتساءل عم يحدث ( إيه الموضوع ؟ ) وقف إلي جواري ، لم أعطه انتباها كبيرا لتركيزي في أصوات المواتير وقد وضعت ظهري على باب دكان يحيي مغازي ، كرر السؤال ( ايه الموضوع يا متر ؟ ) قلت له فيه حملة اعتقالات وتذكرت فقلت له ( دول مسكوا أحمد أخوك ) ، انفجر غضبه ، واحمرت عيناه وقال ( بتقول ايه ) وبينما هو يتحدث إلي بعبارات حادة توقف سعد ابو العباس بسيارة نص نقل معبأة بالسرسة ليذهب بها سريعا الي سوق قطور وكان قد ترك شيئا لدي أخته أسمهان فصعد بسرعة ليحضره وكان السائق خائفا فجعل ينادي على سعد بعد لحظات من تركه السيارة .
ارتفع صوت السائق بالنداء على سعد و ارتفع صوت عبد الرزاق طالبا الإستفسار عما يحدث فلفت نظري في الموقف الرهيب ، قلت له ( بتقول ايه ؟ )
عبد الرزاق : مسكوا أحمد ليه ؟
أنا : مسكوه الصبح وهو رايح السوق معرفش ليه
عبد الرزاق : من غير سبب ؟
أنا : هما كانوا بيمسكوا اي حد
أنا : على فكرة خلي بالك لأنهم بيلفوا .........وانت شكلك لسة نايم ......... ولو سمعت صوت البوكس تجري على البيت ..........واحنا كلنا بنجري وإلا ممكن يمسكوك
عبد الرزاق : يمسكوني انا ؟
أنا : طبعا زي ما مسكوا أحمد اخوك
عبد الرزاق : ليه هى البلد سايبة ؟ هما معاهم ضبط واحضار ؟ معاهم إذن من النيابة ؟ والله العظيم اضرب ظابط المباحث بالجزمة في قلب المركز . مش فيه قانون ؟
أحسست بالإهانة فعبد الرزاق يعدد لي الإجراءات الجنائية الواجب اتباعها حتي يمكن القبض على المواطنين ، أطرقت برأسي خجلا من نفسي وأنا أهرع الي المنزل كلما مر البوكس خشية التعرض للإهانة علي يد مخبرين كان أغلبهم من كفر الشيخ ولا يعرفني منهم أحدا ، وبينما أنا استجمع قواي حتي لا أجري المرة القادمة وبينما كان عبد الرزاق قد وصل الي قمة النشوة الخطابية وهو يحضني على الشجاعة والإقدام في مواجهة قوي الظلم والبغي ، كان السائق قد استشاط غضبا من سعد ابو العباس فضغط على آلة التبيه التي أطلقت صوتا عاليا جدا ازعجنا جميعا حتي طلبنا منه الكف عن ذلك ، أما عبد الرزاق فبمجرد أن سمع صوت ( الزمارة ) حتي انطلق مسرعا الي المنزل وعبثا حاولنا أن نخبره أن هذا صوت ( عربية السرسة ) وليس صوت البوكس ولكنه لم يلتفت خلفه وحتي لم يدخل المنزل وانما واصل الجري الي الحقول .
- هكذا يظن ضباط الشرطة في سعيهم للتخلص من الأوامر الصادرة إليهم بتنفيذ مضمونها في أسرع وقت وبأقل مجهود أنهم في معركة حربية في داخل القري المصرية للقبض علي العناصر الخطيرة والعناصر التي يسهل القبض عليها والعناصر التي ليس لها سند إلا الله والأمر يستدعي بعض التفصيل في التعرض لماهية قانون الطوارئ وألية تطبيقه وفلسفة التطبيق
وللحديث بقية

موضوعات متعلقة

قانون الطوارئ و فلسفة التطبيق الجزء الثانى
قانون الطوارئ وفلسفة التطبيق الجزء الثالث
قانون الطوارئ وفلسفة التطبيق الجزء الرابع والأخير

يا متر الحاج عبدالرازق شكله بيؤمن تماما بنظرية الجري نص الجدعنه و يمكن في الأيام ال بتحكي عنها دي يكون الجوي كل الجدعنه مش نصها بس ههههههههههههههههههه

الله يجزيك خير يامتر والله لقد وضعتني في المشهد وكانني حاضر معك او جالس بجانبك (اشاهد المباراة وكأنني في الملعب) ارجوك ان تطيل في الحديث لتزيد من شوقنا لمعرفة باقي التفاصيل .

و الله يا متر القصة التى ترويها مع أنها فى ظاهرها ممتعة و مضحكة. الا أنها مع الامعان فهى تدمى القلب و تبكى العين لما وصلنا اليه من الذل و الهوان و الاستخفاف بآدمية المصريين فى عهد المأسوف على أمره مبارك

أخى / محمود
لاأملك إلا أن أقول لك كالعادة أكثر من رائع وأضحك الله سنين عمرك
وأنا لاأجد لهذا الأسلوب شبيها إلا فى مقالات الأستاذ مختار نوح والأستاذ ثروت الخربشاوى

والله بكيت من الضحك وانا متخيل كل من تذكره لاشخاص هذا الحدث لا اعاده الله ابدا
تقبل تحياتي ومروري

الأخ الحبيب عبد الرحمن ابو بكر جزاكم الله خيرا علي المرور الكريم ، هو يعني عبد الرزاق اللي كان بيجري لوحده كل البلد كانت بتجري .
الأخ الحبيب محمود النشرتاوي بارك الله فيك الجزء الثاني دمه تقيل جدا وطويل فعلا لأنه يتعرض لماهية قانون الطوارئ هههههههههههه.
الاخ الحبيب الدكتور تامر يعني لو قلنا كلام يضحك تزعل ولو قلنا كلام يزعل برده تزعل ههههههههههههه . جزاكم الله خيرا على المرور الجميل وانت اثريت المنتدي بس عايزك تقول رأيك وسيبك من الردود على الردود يعني سيب كل واحد يرد براحته ومع الوقت الناس كلها حتوصل لمستوي واحد من الفهم .
الأخ الحبيب عبد الرؤف الدرس جزاكم الله خيرا على الكلام الجميل ومشكور مروركم هههههههههه يا عم احنا غلابة
الأخ الحبيب محمود شهاب الدين جزاكم الله خيرا على المرور الكريم ، كانت ايام صعبة هههههههه . شهر ننام خارج المنزل

حبيب قلبي المستشار
ذكرتني بالذي مضى
طبعا في اليوم ده تم اعتقال محمود العباس وهو نايم دخلوا عليه الاوضة وخبطوه في رجله وقالو المخبر قوم يا واد فرد عليه مفكرة مراته عايزه ايه يا ولية دلوقت خليني انام شويه قبل السوق ده طبعا على لسانه لان في اليوم ده تم اعتقال والدي بدلا من المرحوم قنون الجرن لانه اسمه الحقيقى عبدالستار عبد العزيز الجرن
ولان طبعا المعلومة دي محدش يعرفها غير المخبر علي شعبان وطبعا كان غرقان من نعيم المرحوم قنون فشغبط في امر الضبط على عبدالعزيز وحط طه مكانه
والنكته اللي في كدة كان علي المرحوم حكم بمخالفة جنيه ونصف وفي اليوم اذكر
الاستاذ حامد الكاشف وعبدالقادر الحشاش وناس كتير لاني غيبت يومين عند المركز مستنيهم يطلعوا والظابط جوه قاعد يتفنن في القضايا اللي عايز يلبسها لكل واحد والبقية عندك يا سيادة المستشار

حضرة العمدة حبيبي الأستاذ شريف جزاكم الله خيرا على المرور
والله يا أخ شريف دي كانت ايام كلها اثارة ومغامرات الواحد كان حاسس انه في فيلم في بيتنا رجل هههههههه وتقوم الصبح تلاقي كبار رجال الدولة جايبين البطاطين وجايين من الغيطان كانوا بايتين في القش في الغيط .

ههههههههههه كانت ايام ما يعلم بحالها غير المولى عز وجل ايام الانتخابات انا اعرف واحد جارنا كان عامل خن فى قش الرز الى فوق سطوح البيت .
الموضوع جميل بجد يا استاذ محمود تسلم

الأخ الحبيب الأستاذ احمد بقوش بارك الله فيك وجزاكم الله خيرا انك اتحت لنا هذه الفرصة الطيبة اننا نعبر عن بعض ما يجيش فيب صدورنا

أستاذنا الفاضل أكثر من مبدع وإن شاء الله دائماً وأبداً

ار خبر سار جزاكم اللهخالأخ الحبيب في انتظار خبر سار جزاكم الله خيرا على الكلمات الطيبة

يا أخ محمود متتكلمش على جرانك كد الراجل كان بينصحك وبيعرفك مواد القانون ونسا أنك محامي ضليع في القانون