- العمل القضائي مضمونه الحكم بين الناس ، يناط بشخص يسمي القاضي إن كانت محاكم الدولة هى من لجأ إليها الخصوم أو محكم إن اتفق أطراف النزاع على احالة المسألة المختلف عليها إلي قضاء خاص يختارون هم أشخاصه ويتفقون على القواعد المنطبقة عليه من حيث الموضوع والإجراءات وهنا يسمي العمل القضائي تحكيم . والعملية القضائية عملية فنية فعلي القاضي أو المحكم أن ينظر الي الوقائع ويستمع الي طرفي الخصومة ثم ينزل القواعد القانونية التي يعرفها أو يفترض فيه العلم بها على الوقائع التي ثبتت في الأوراق التي أمامه ، وليس للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي وإن علم شيئا من وقائع الدعوي بشخصه فإنه يتحول من قاض إلي شاهد فلا يجوز له الفصل في نزاع شهد هو وقائعه أو بعضا منها .
- وللدفاع في العمل القضائي شأن غير مجحود ، والدفاع مصطلح قصد به مجادلة طرفي النزاع المدعي والمدعي عليه أو الجاني والمجني عليه فكلاهما له أن يدافع عن حقه ، فالجاني يدافع عن حقه في البراءة والمجني عليه يدافع عن حقه في القصاص ، والمدعي يدافع عن حقه في المال المنقول أو العقاري والمدعي عليه يدافع عن ثبوت الحق وبقائه له ، فالبينة على من ادعي واليمين على من أنكر وكلاهما يمارس حقه في الدفاع ، والعمل القضائي لا يستقيم بالكلية بدون الدفاع فالمحامي عن أحد الطرفين يهاجم دعوي الطرف الآخر ويدفعها بالقانون ويحاول أن يحصل على أعلي المكاسب لمن وكله وهو أيضا يهاجم القاضي إن رآه متعسفا أو منكرا للعدالة وله أن يرده وكل ما يقوم به المحامي يستطيع الموكل القيام به بنفسه ، ولكن الضعف الذي يشعر به الشخص أمام سلطة القضاء بما فيها من عزة وشموخ وأنفة وقوة يجعله ربما يغفل حقوقا له رغبة في ارضاء القاضي أو الظهور أمامه بمظهر الجيد الكريم المتنازل عن حقه فيرضخ بسيف الحياء ، كما أن شعور القاضي بفهمه المطلق للقانون دون راد لقضائه وحكمه يجعله يتعسف في استعمال حقه فيصل الي درجة التجبر والغرور والزهو وهنا تظهر الحاجة الماسة إلي مهنة يقوم بها شخص مدرب وعالم بالقانون ليطلب من القاضي ما قد يخجل الشخص العادي أن يطلبه و ليبين للمحكمة ما بين يديها من علم قانوني قد لا تكون مدركة لشروحه واختلاف الرأي فيه فإن وجد أن المحكمة قد أصابها ما يبرر ردها حينا ارتكبت غشا أو تدليسا أو غدرا أو كانت بينها وبين أحد الخصوم صلة نسب أو قرابة أو مصاهرة أو أنكرت العدالة حينا محددا من الوقت أشهر ذلك الشخص المدرب سيفه في وجها عقابا وجزاء لإهمال أو ظلم المحكمة ، ولمهنة المحاماة أثر في التاريخ وأثر في الأديان و حاجة ملحة من المجتمع يقع مكان شرحها على هامش الموضوع .
- ويقع العدل من المجتمع مكان القلب من الإنسان فهو أساس الملك وهو مناط الحكم ورمز العدل الميزان وبعض الدول تضيف علي الرمز فتاة عمياء تحمل هذا الميزان في اشارة للقضاء الذي لا يري أطراف الخصومة ولكنه يستشعرهم من خلال الأوراق فيقضي بينهم على ما جاء فيها .
- على مدي سنوات طويلة في مصر غاب العدل وضعفت المهن القائمة عليه عمدا ، زادت اعداد المحامين بشكل يهين مهنة المحاماة التي رأت الدولة أن قوة المهنة فيه تهديد مؤكد لسلطتها غير المحدودة فهي عمل حر لا يتلقي الأوامر ولا يخشي العزل ولا يطمع في المنح وهى أيضا مهنة اساتذة القانون بما لهم من اتصالات عالمية وذيع اقليمي يجعلهم مراكز قوة فكرية وسطوة اجتماعية داخلية ففتحت الباب على غاربه لكل من يتخرج من كلية الحقوق فكانت مهنة من لا مهنة له واشتد اهتمام الدولة بالمراكز القوية التي يمكن ردع الناس وتخويفهم بها وهى الشرطة والجيش والقضاء فحددت اعدادهم واختارتهم على أعين رجال الحكم وأغدقت عليهم سلطات ليست لهم ولا يحتاجون اليها في أعمالهم فكانت الشرطة والحربية والنيابة القبلة التي يستشرفها كل من يريد علوا في الأرض أو فسادا ، يتقدم الناس الي كلياتها فتقبل منهم من تطمئن إلي خلو تاريخه وتاريخ أهله من كلمة الإسلام ويعود الآخرون من غير المقبولين يلعنون الحكم والدولة وقد كانوا حريصين أن يكونوا جزءا من منظومتها الفاسدة .
- لم يقرأ المرحوم فتحي شرف في أصول الحكم ولا فلسفة القانون ، وإنما كان مبدعا في فن صناعة الشباك بواسطة أدوات بدائية ، يذهب في أوقات محددة حاملا ( العليوة ) و ( الملفع ) والشبكة ، كان يمشي على قدمية عشرات الكيلو مترات بقدمين نحيفتين من ترعة الي ترعة ومن ( مشروع ) إلي ( مشروع ) ، ويعود في أوقات مفاجأة بشخصية مختلفة تماما ملؤها الجدية وبوجه عابس حتي لا يستوقفه أحد ممن يطمحون إلي شراء السمك منه في الشارع فلا يجد الزبائن سوي أن يذهبوا إليه في المنزل قبل أن ( يتنقض ) السمك فينصب ميزانا مكونا من كفتين يحمل كل منهما سلسلة ثلاثية لها خطاف واضعا ذلك الخطاف على جهة من جهتي ( الملفع ) ، والملفع عصا في أصلها فرع شجرة لم تهذب فتصبح كاملة الإستقامة أو منتظمة الحواف وانما بقيت على حالتها التي قطعت عليها فيها اعوجاج بسيط في ناحية يعوضه اعوجاج مساو أو يكاد في الناحية الأخري ولم يزل الزبائن يطلبون منه تبديل مكان السمك مع ( السنجة ) على الكفتين فيبدلها فيكتشفون أن الوضع الأول كان أكثر فائدة لهم فيطلبون التبديل مرة أخري فيبدلها ولكنهم ................ وهكذا لا يقتنع الزبائن بالوضع حتي يقسم يمينا بالطلاق ثلاثة أنه لن يبدل الكفتين وعندئذ يتوقفون عن طلب التبديل إلي طلب ( التصليح ) ومعناه اضافة سمكة صغيرة فالتصليح ركن من أركان عقد شراء السمك على موازين لا يعرف البائعون ولا المشترون أبعادها .
- أدعو الله أن يوفقني هنا أن أناقش مع حضراتكم قضية العدالة في شباس عمير من منظور واقعي وعملي لعلنا ننتهي إلي عمل ما يضع الموازين بالقسط بعد أن زالت والحمد لله رب العالمين نظما وأشخاصا كانت حريصة على موازين الملافع .

موضوعات متعلقة

الميزان والملفع الجزء الثانى
الميزان والملفع الجزء الثالث

الله ينور يا مستشارنا
ايه الحلاوة دي

العدل أساس الملك

الله ينور يا مستشار بس متتاخرش بالتصليحة


قشدة

حبيبي الأستاذ عبد الرحمن مشكوووور على المرور الكريم
استاذنا الكبير الأستاذ محمد عز العرب جزاكم الله خيرا
أخي الفاضل الأستاذ عبد العليم غلمش الف شكر على المرور الكريم

ربنا يكتر من امثالك

يامستشار وجعلك سببا في نور الحق

اصبحت مواضيعك يا متر بالنسبة لى كقهوة الصباح
اقترح الأدمن يعملك عمود يومى ويسميه شباسيات

الأخ الفاضل الأستاذ عبد المحسن غلمش جزاكم الله خيرا على الكلام الجميل ده واحشني خالص والله أخبارك ايه ؟
الأخ العزيز الأستاذ محمود سعد الف شكر يا باشا على المرور الكريم انت فين يا باشا ؟
حبيبي الأستاذ الكبير سيد حجاج الف الف الف شكر على التشجيع المستمر ده وأنا مدين لك دائما بالتشجيع وبأتعلم منك حاجات كتير .

يا متر العفو صدقنى انت روائى كبير وانا اعرف كده لأنى قريت لناس انت احسن منهم اسلوبا واجمل صورا وتشبيها وابرع منهم فى توظيف الكلمات وبالنسبة للميزان


اديها وش اصفر

الله ينور يا أستاذ محمود

تاااااني وش اصفر ههه
الأخ محمد أبو زهرة جزاكم الله خيرا على كلماتك الرقيقية وعلي دفاعك عني في موضوع الأخ عبد الرؤف ..... بارك الله فيك

روعة كعادتك يا مستشار وبطريقتك البسيطة المستحيل تقليدها بمعنى
(السهل الممتنع )
تفيدنا وتحاول ان تفهمنا في ظل حقبة الفساد اللي عشناها مفيش حد بيرضى بحقه الطبيعي ميزان ومحطوط وواضح وحقك معلوم
عايز تصليحة ليه تاخذ اكتر من حقك ليه يجيبلك الغلبان الشقيان على الطرق سمكة زيادة ؟؟؟؟؟؟
لساني يعجز عن الشكر

جزاكم الله خيرا يا حضرة العمدة يا أستاذنا الغالي لعل فكرة الموضوع وضحت الآن عموما بعد الجزئين الثاني والثالث فهل من اقتراحات