ثالثا : التكفير بالشرك الأصغر
قالوا من حلف بغير الله ومن غش أو راءى فقد خرج من الملة ...
قال ابن حجر
( عرف الشارع إذا أطلق الشرك إنما يريد به ما يقابل التوحيد وقد تكرر هذا اللفظ في الكتاب والأحاديث حيث لا يراد به إلا ذلك ) أ.هـ
ويقول الشاطبي في الموافقات 3/4
( ألفاظ الشرك في القرآن غائية كلها أما السنة ففيها ما هو غائي وفيها ما هو واسطة بين طرفين . نبه عليه القرآن معنى وسكت عنه لفظا فنصت عليه السنة ) و الشرك هو صرف ما لله لغيره وهو 26 مناط تم حصرها من الكتاب والسنة والإجماع ، والأصل في الشرك أنه كفر مخرج عن ملة الإسلام إلا إذا جاءت قرينة أو دلالة تصرفه عن الشرك الأكبر إلى الشرك الأصغر . لقوله تعالى [ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ] {المائدة:72} [إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا] {النساء:116}.
بم يعرف الشرك الأصغر من الشرك الأكبر ؟
دلالات صرف الشرك الأكبر إلى الأصغر :
1 – بدلالة اللفظ :
كما في الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إياكم والشرك الأصغر . قالوا يا رسول الله وما الشرك الأصغر ؟ قال : الرياء ) فهنا لا يعني أن الرياء شرك أكبر مخرج عن الملة ؛ إنما هو شرك أصغر بما نص عليه لفظا .
2 – بدلالة النص :
كما في فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص 313 مثل حديث ابن مسعود ( الطيرة شرك وما منا إلا ، ولكن يذهبه الله بالتوكل ) رواه أبو داود والترمذي وصححه وجعل آخره من قول بن مسعود : أي لا يخلوا أحد من الأمة من هذا الشرك ، ولكن ليس شركا أكبر بل أصغر و إلا كانت الأمة كلها كفار .
ويقول ابن القيم : ( أن الطيرة نوع من الشرك )... ولأحمد من حديث ابن عمر (من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك ) قالوا فما كفارة ذلك ؟ قال أن تقول اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ، ولا إله غيرك ) .
3 – بدلالة نص آخر على نفس الفعل :
مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم " من حلف بغير الله فقد أشرك " فهذا نص يوضحه نص آخر وهو أنه قد جاء في الأثر عن ابن عباس ( أن تقول " وحياتي وحياتك " من الشرك )وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { مَنْ حَلَفَ باللاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ : لا إلَهَ إلا اللهُ } ، فهذا النص وضح أن الحلف بغير الله من الشرك الأصغر .
4 – بعدم الرجوع إلى أصل الدين :
وهو أن الشرك الأصغر تأخر بيانه ، و ما تأخر بيانه فهو ليس من أصل الدين . ففي الحديث عن قتيلة أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( إنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت ، وتقولون والكعبة . فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا : ورب الكعبة . وأن يقولوا : ما شاء الله ثم شئت ) رواه النسائي وصححه .
لأن الواو تفيد التسوية أما ثـم تفيد التبعية .فهنا الشرك لا يرجع لأصل الدين فعلم أنه شرك أصغر لأنه تأخر بيانه .
الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر
الشرك الأكبر
أن صاحبه خالد مخلد في النار .
أنه يحبط الأعمال بالكلية .
أن صاحبه حلال الدم والمال .
أن الله تعالى لا يغفره إلا بالتوبة منه قبل الممات
ولا يتأخر بيانه عن بدء الدعوة
ترك الشرك الأكبر من أصل الدين
الشرك الأصغر
لا يخلد صاحبه في النار .
لا يحبط الأعمال بالكلية .
أن صاحبه لا يحل دمه وماله .
أن صاحبه بين المشيئة إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له .
وقد يتأخر بيانه عن بدء الدعوة
تركه من فروع الدين