شرعية الوضع هي الاجتماع على السنة
مراحل السنة :
1) السنة المحضة :
وهي أقوال وأفعال وتقريرات الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة وفتاوى واجتهادات الصحابة رضي الله عنهم
قال تعالى ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) وحديث ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ) (كلها في النار إلا واحدة قالوا ومن هم يا رسول الله ؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي ) ( علي مثل ما أنا عليه وأصحابي ) ( أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم )
وهي جماعة المقياس التي تفرق بين الحق والباطل ويرتفع بها التنازع بالرد إلى الأصول التي تركها فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه علما وتطبيقا في الاعتقاد والقول والعمل ووصفهم العلماء بالسلف الصالح
يقول الشاطبي في الموافقات 4/74
( المسألة التاسعة: سنة الصحابة رضي الله عنهم سنة يعمل عليها ويرجع إليها ومن الدليل على ذلك أمور
أحدها ثناء الله عليهم من غير مثنوية ومدحهم بالعدالة وما يرجع إليها كقوله تعالى [ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ ] { آل عمران :110}وقوله عز وجل [ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ] {البقرة:143} , ففي الأولى إثبات الأفضلية على سائر الأمم وذلك يقضي باستقامتهم في كل حال وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخالفة وفي الثانية إثبات العدالة مطلقا وذلك يدل على ما دلت عليه الأولى ..... وإذا كان كذلك فقولهم معتبر وعملهم مقتدى به وهكذا سائر الآيات التي جاءت بمدحهم ...
والثاني: ما جاء في الحديث من الأمر بإتباعهم وأن سنتهم في طلب الإتباع كسنة النبي صلى الله عليه وسلم كقوله صلى الله عليه وسلم (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا ومن هم يا رسول الله ؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي ) ,
الثالث: أن جمهور العلماء قدموا الصحابة عند ترجيح الأقاويل فقد جعل طائفة قول أبي بكر وعمر حجة ودليلا وبعضهم عد قول الخلفاء الأربعة دليلا وبعضهم يعد قول الصحابة على الإطلاق حجة ودليلا ولكل قول من هذه الأقوال متعلق من السنة... وقد وصفهم بالسلف الصالح
ونقل بعض الآثار: مثل قول عمر بن عبد العزيز( سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوة على دين الله – ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في رأي خالفها - من عمل بها مهتد ومن استنصر بها منصور ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا) ا. هـ
وقال في الموافقات 3/71 :
بعد ذكر استدلال كل من اخترع بدعة أو استحسن محدثة لم تكن في السلف الصالح بظواهر من الأدلة ... ( والبرهان الشرعي والعادي دال على عكس القضية فكل ما جاء مخالف لما عليه السلف الصالح فهو الضلال بعينه .... والمخالف للسلف الصالح على ضربين:
أحدهما : أن يكون من أهل الاجتهاد فلا يخلو أن يبلغ في اجتهاده غاية الوسع أو لا فإن كان كذلك فلا حرج عليه وهو مأجور على كل حال وإن لم يعط الاجتهاد حقه وقصر فيه فهو آثم حسبما بين أهل الأصول
والثاني: أن لا يكون من أهل الاجتهاد وإنما أدخل نفسه فيه غلطا أو مغالطة إذ لم يشهد له بالاستحقاق أهل الرتبة ولا رأوه أهلا للدخول معهم فهذا مذموم وقلما تقع المخالفة لعمل المتقدمين إلا من أهل هذا القسم ) أ.هـ
2) سنة أهل الإتباع :
وهو علم الأئمة الذين انتهى إليهم علم السلف الصالح وتلقتهم الأمة بالقبول
وذكر ابن تيمية عن الإمام الكرخي الشافعي اتفاقهم على اثني عشر إمام ومجتهد وهم ( الشافعي –ومالك –وسفيان الثوري –وأحمد بن حنبل –وسفيان بن عيينة –وعبد الله بن المبارك – والأوزاعي –والليث بن سعد –وإسحاق بن راهويه – والإمام البخاري –والإمام أبو زرعة – وأبو حاتم ) الذين فتاواهم واجتهاداتهم ترجع إلى أصول الصحابة ولا يخرج الحق عنهم لأن باقي المذاهب اندرجت تحت مذاهبهم
يقول ابن تيمية في درء التعارض بحاشية منهاج السنة جـ 2 / 48 :
( وقال الشيخ أبو الحسن بن عبد الملك الكرخي الشافعي في كتابه الذي سماه " الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول " وذكر اثني عشر إماما " الشافعي ومالك والثوري وأحمد وابن عيينة وابن المبارك والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبو زرعه وأبو حاتم ).
يقول ابن تيمية في الفتاوى 4 / 175 :
( ومن ذلك ما ذكره شيخ الحرمين أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرخي في كتابه الذي سماه " الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاما لذوي البدع والفضول " وكان من أئمة الشافعية ذكر فيه من كلام الشافعي ومالك والثوري وأحمد بن حنبل والبخاري صاحب الصحيح وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه في أصول السنة ما يعرف به اعتقادهم وذكر في تراجمهم ما فيه تنبيه على مراتبهم ومكانتهم في الإسلام وذكر أنه اقتصر في النقل عنهم دون غيرهم لأنهم هم المقتدى بهم والمرجوع شرقا وغربا إلى مذاهبهم ولأنهم أجمع لشرائط القدوة والإمامة من غيرهم وأكثر لتحصيل أسبابها وأدواتها من جودة الحفظ والبصيرة والفطنة والمعرفة بالكتاب والسنة والإجماع والسند والرجال والأحوال ولغات العرب ومواضعها والتاريخ والناسخ والمنسوخ والمنقول والمعقول والصحيح والمدخول في الصدق والصلابة وظهور الأمانة والديانة ممن سواهم قال : وإن قصر واحد منهم في سبب منها جبر تقصيره قرب عصره من الصحابة والتابعين لهم بإحسان باينوا هؤلاء بهذا المعنى مَن سواهم فإن غيرهم من الأئمة وإن كانوا في منصب الإمامة لكن أخلوا ببعض ما أشرت إليه مجملا من شرائطها .. قال ووجه ثالث لابد من أن نبين فيه فنقول : إن في النقل عن هؤلاء إلزاما للحجة على كل من ينتحل مذهب إمام يخالفه في العقيدة فإن أحدهما لا محالة يضلل صاحبه إذ يبدعه أو يكفره فانتحال مذهبه مع مخالفته في العقيدة مستنكر والله شرعا وطبعا فمن قال أنا شافعي الشرع أشعري الاعتقاد قلنا له هذا من الأضداد لا بل من الارتداد إذ لم يكن الشافعي أشعري الاعتقاد ... فإن قيل فهلا اقتصرتم إذاً على النقل عمن شاع مذهبه وانتحل اختياره من أصحاب الحديث وهم الأئمة الشافعي ومالك والثوري وأحمد إذ لا نرى أحدا ينتحل مذهب الأوزاعي والليث وسائرهم قلنا لأن من ذكرناه من الأئمة سوى هؤلاء أرباب المذاهب في الجملة إذ كانوا قدوة في عصرهم ثم اندرجت مذاهبهم الأخرى تحت مذاهب الأئمة المعتبرة . .. ثم ذكر بعد ذلك الفصل الثاني عشر في ذكر خلاصة تحوي مناصيص الأئمة بعد أن أفرد لكل منهم فصلا قال : لما تتبعت أصول ما صح لي روايته فعثرت فيها بما قد ذكرت من عقائد الأئمة فرتبتها عند ذلك على ترتيب الفصول التي أثبتها وافتتحت كل فصل بنيف من المحامد يكون لإمامتهم إحدى الشواهد داعية إلى إتباعهم ووجوب وفاقهم وتحريم خلافهم وشقاقهم فإن إتباع من ذكرنا من الأئمة في الأصول في زماننا بمنزلة إتباع الإجماع الذي يبلغنا عن الصحابة والتابعين إذ لا يسع مسلما خلافه ولا يعذر فيه فإن الحق لا يخرج عنهم لأنهم الأدلاء وأرباب مذاهب هذه الأمة والصدور والسادة والعلماء القادة أولو الدين والديانة والصدق والأمانة والعلم الوافر والاجتهاد الظاهر ولهذا المعنى اقتدوا بهم في الفروع فجعلوهم فيها وسائل بينهم وبين الله حتى صاروا أرباب المذاهب في المشارق والمغارب فليرضوا كذلك بهم في الأصول فيما بينهم وبين ربهم وبما نصوا عليه ودعوا إليه قال: فإنا نعلم قطعا أنهم أعرف قطعا بما صح من معتقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده لجودة معارفهم وحيازتهم شرائط الإمامة ولقرب عصرهم من الرسول وأصحابه ) .أ.هـ
ثالثا : السنة العامة :
هي آخر حدود السنة وهي الخير الذي فيه دخن والدخن الذي دخل إليها هو
– الابتداع الجزئي في العمليات وليس في أصل كلي من الدين
– دخول علم الكلام مما يقارب ولا يباعد كالأشعرية القريبة من أهل السنة
- دخول بعض الأثرة والجور في الأحكام والولايات - شيوع بعض أوجه المعاصي والآثام
– مناحي التقصير عما كان عليه الصحابة الكرام كضعف الشورى وقلة التقوى والورع .
*****
كيف يكون الخروج عن السنة بمراحلها الثلاث ؟
1- بالكفر وتبديل الشرع ونبذه : ( فمن رضي بالعلمانية فقد رفض شريعة الله ولا يجتمع في قلب امرئ واحد الإيمان بالله وتوحيده مع الإقرار بشرعية التمرد على الله بالرغبة عن شرع الله إلى غيره وبالرغبة عن ولاية الإسلام إلى غيرها من القوميات أو الوطنيات.
فجمعت العلمانية بين وصفين: وهما الاجتماع على غير الإسلام والانتساب إلى غير الشرع أو بمعنى آخر جمعت العلمانية بين: اتخاذ غير الله وليًا ـ بالتجمع والموالاة على غير الإسلام.
ابتغاء غير الله حكمًا: بقبول شرع غير شرع الله والانتساب إليه وهذا القدر من الوضوح ـ من وضع العلمانية على ميزان الشرع ـ كاف لرفض العلمانية كشريعة غير شريعة الله ورابطة ولاء غير رابطة وهوية الإسلام .)
2- بالابتداع في أصل كلي من الدين مثل الخوارج والروافض والمرجئة والفرق المبتدعة .
3- بما يدخل على العقائد من علم الكلام بما يباعد عن مذاهب أهل السنة ويتعارض معها .
4- بالفرقة والانقسام شيع وأحزاب تتقاتل على الدنيا والملك .
5- بغلبة الفسق والمعاصي وجريانها مجري البدع .
*****