مبدأ تعاقب القيادات
والإرادة الربانية
فى ترشيح الدكتور محمد مرسى لرئاسة الجمهورية
يتفق علماء وخبراء السياسة والاقتصاد والإدارة أن الاختلاف الجوهرى بين الإدارة الفردية الدكتاتورية والإدارة المؤسسية الجماعية هو مدى قيام واعتماد النظام على المؤسسة أم على الفرد، وإستناداً على ذلك ظهرت واستقرت أسس ومبادئ تنظيمية وإدارية متفق على أنها مقومات استقرار الأنظمة ونموها وتطورها، ومع غياب هذه الأسس والمبادئ تتعرض الأنظمة للضعف والاضطراب والانهيار، ومن أهم وأخطر تلك الأسس والمبادئ الحديثة التى نود لفت نظر وانتباه المواطن إليها هو مبدأ "تعاقب القيادات" ويتلخص هذا المبدأ فى عدم جواز قيام النظام على شخص معين يتم تسليط الأضواء عليه وتلميعه، والمبالغة فى وصفة وتضخيم مهاراته وتعميق التوقعات والطموحات من قدراته وبطولاته، حيث ثبت أن هذه الفلسفة هى السبب الجوهرى فى تأليه الفرد وصناعة الفرعون وترسيخ الدكتاتورية، وشيوع الظلم والقهر والاستبداد لحماية الفرعون وسحرته ورموزه وللتغطية على فساده وخيانته.
وفى مقابل ذلك الوجه السئ القبيح المرتبط بقيام النظام على شخص بعينه، يكون الوجه الصحيح بتطبيق مبدأ "تعاقب القيادات" حيث يستمد النظام أو المؤسسة القوة والمناعة من وجود صف أول وصف ثان وصف ثالث من القيادات، وهذا ما يفسر قوة واستمرارية عدد من الأنظمة وضعف وانهيار عديد من الأنظمة الأخرى، وهذا ما يفسر أيضاً – حسب رؤيتى – ظاهرة أن أنظمة ملكية ديمقراطية تستقر وتقوى وتنمو وتدوم، بينما هناك أنظمة رئاسية دكتاتورية فردية تنعزل وتضعف وتتلاش وتزول، وكلا النظامين عليه أمثلة حية واضحة فى واقعنا العربى وعالمنا الإسلامى والدولى.
وهذا ما أدهشنى من قلة الوعى وضعف المعرفة، وقد يكون عدم الأمانة وسوء النوايا فى تناول توقيت وملابسات ترشح الدكتور محمد مرسى لرئاسة الجمهورية، ولذلك أدعو القائمين على الإعلام، أو المسيطرين والمهيمنين عليه، أن يسألوا أصحاب الرأى والتخصص حول جوهر وأهمية " تعاقب القيادات" وتطبيقاته فى الواقع العملى وعلاقته بتوقيت قرار ترشيح الدكتور محمد مرسى لرئاسة الجمهورية.
ومن المفيد هنا، الإشارة إلى أنه فور إعلان حزب الحرية والعدالة ترشيح المهندس خيرت الشاطر، قلت لحظتها - وعلى ذلك شهود كثيرون - وبصوت عال – ياليتهم رشحوا الدكتور محمد مرسى، وذلك إستناداً على تقديرى لمعايير الاستفادة من العناصر القيادية وفق ما هى مؤهلة لها والدور الذى يجب أن تقوم به، ثم جاءت الإرادة الإلهية لدفع الدكتور محمد مرسى دفعاً للترشح للرئاسة الجمهورية.
ولذلك أرى أن ترشيح حزب الحرية والعدالة للدكتور محمد مرسى يدل قوة ومتانة الإطار المؤسسى الذى دفع به ويؤكد على ثراء هذا الكيان بالعناصر القيادية ويبرهن على وجود رؤية استراتيجية لدى قيادات هذا الكيان وكانت خطوة ذكية تدعمها مشيئة إلهية لحكمة يعلمها الله عز وجل.
نأمل أن يساهم ما قلناه فى تحريك البواعث الأخلاقية فى قلوب من يستغلون غياب الوعى لدى البعض وأن ينشط الدوافع الوطنية لدى من يحركون البعض لخدمة أجندات شخصية، ونأمل أيضاً أن يساهم ما قلناه فى إعادة الوعى والرشد لمن فقد وعيه وضاع رشده، ليحترم مهنته ويضبط كلماته ويتقى الله فى وطنه ويتناول مثل هذه الأمور بمهنية وحرفية وأمانة.
ونسأل الله عز وجل أن ينعم على مصر بالأمن والأمان والنمو والاستقرار ،،،
أ.د. مصطفى محمود أبو بكر
أستاذ إدارة الأعمال – جامعة المنوفية
خبير التنظيم الإدارى والتخطيط الإستراتيجى