اغتصاب وطن.. نداء فوري إلى السيد رئيس الجمهورية..
بقلم الشيخ عبدالمجيد الشاذلي
تحية طيبة وبعد....
برجاء الإفراج فورا عن الخيول والجمال المحتجزة في مصلحة الطب البيطري بتهمة أنها علمت ولم تبلغ عن القتلة في معركة الجمل, بعد أن قام قضاؤنا المشهور بالشامخ والمتربع على ذرى العدالة في أعلى قمم جبال الهندوكوش بتبرئة جميع القتلة واللصوص من أوكار النظام السابق, ليحتفظ بهم ذخرا لمصر إذا احتاجت لعملية نهب منظمة على ثرواتها مرة أخرى أو لقتلة محترفين لشبابها من القناصة الذين يصعب الحصول عليهم ويعتبرون جزءا من الثروة القومية لا تقدر بمال لسحق كل الثورات, ولكتم جميع الأنفاس إلى الأبد, وللحفاظ على شركاء رأسماليين على طريقة الرأسمالية الجديدة ليصاحبوا الرئيس في رحلاته إلى الخارج ويكونوا شركاء لرأسماليين من الإخوان مثل المهندس خيرت الشاطر والأساتذة عبد العظيم لقمة وحسن مالك وغيرهم كثيرين.
إنه جهد عظيم حقا قامت به الدولة مشتركة قضاء وسلطة ورئاسة للحفاظ على الرأسمالية الوطنية لحفظ تراث آدم سميث ومنظري الرأسمالية الجديدة أيضا ولجذب كثير من المستثمرين في الخارج, حتى يعلموا أنهم لن يجدوا بلدا آخر يدعوهم لنهب ثرواته وقتل أولاده بالشراكة مع الرأسمالية الوطنية كما تفعل مصر, وبالحفاوة والذكاء الذي يضمن لهم كل ما تصبوا إليه أنفسهم من النهب المنظم والهيمنة على مقدرات هذا الشعب البائس وهذا البلد المسكين, الذي لا يخرج من يد عصابة إلا ويجد نفسه في يد عصابة أخرى كانت تقف خلف العصابة الأولي في الظل انتظارا لدورها.
السيد الرئيس أرجو أن تسرع بالإفراج عن الخيول والجمال بعد أن اتضح براءتها من التهمة المشهورة "علم ولم يبلغ" لأن الذين اعتلوها وآتوا بها من نزلة السمان وغيرها قد برأهم القضاء فلا وجه إذا لإقامة الدعوى ضد الجمال والخيول, وخوفا من أن تقوم هيئة الطب الشرعي بتقديم تقرير إلى النيابة العامة باتهام الحمير بالتآمر الخفي مع الخيول والجمال على اللهو الخفي الذي وقعت فيه مصر كلها يوم 28-2 ويوم الجمل وغير ذلك من الأيام المشهودة : ماسبيرو, ومحمد محمود, ومجلس الوزراء, والعباسية, وبورسعيد ضد الألتراس الأهلي, وأحداث السويس والإسكندرية, وغيرها من البلاد, وإذا اتهم الحمير فسيختل النظام لأنه يقوم عليهم وتعظم البلوى ويتسع الخرق على الراقع, أدرك الجمال قبل أن يقع الحمير وتكتمل بهم المنظومة.
السيد الرئيس إن قضائنا الشامخ يتمتع بذكاء نادر ونزاهة تتقطع الأعناق دون أن تصل إلى ذراها, ولكنه يقوم على حكمة لا يدركها البلهاء من أمثالنا ومن أفراد هذا الشعب البائس, حكمة ترجع إلى ألاف السنيين غابت عنا جميعا وتفتقت عنها أدمغة حكماؤنا الأذكياء الذين لا يشك في نزاهتهم أحد, وهذه الحكمة هي: " إنما قتله من جاء به ".
الذي قتل الثوار ليس هم القناصة ولا الذين اعتلوا أسطح المباني وحصدوهم بالأربي جيهات والرشاشات والمولوتوف والذين فقأوا العيون وقطعوا الأطراف وحرقوا الوجوه, فهؤلاء جميعا مظلومون, ويجب أن يلقوا التعويض والتكريم من الدولة للإحباط النفسي الذي ألم بهم من جراء الاتهامات الظالمة, إن هؤلاء لم يفعلوا شيئا إلا كما قيل من قبل أي شيطان ألقى بهؤلاء المساكين بين أسيافنا وأسلحتنا - التي تحصد من يقترب منها ويجرؤ على العرين بطريق أوتوماتيكية لا يملكون ردها- فالذي قتل هؤلاء هم الذين جاؤا بهم إلى الميادين وألقوهم بين أسيافنا, وأسيافنا في شوق دفين إلى الدماء, ليس دماء اليهود في القدس ولا تل أبيب ولكن دماء المصرين في ميدان التحرير والعباسية والسويس وغيرها, ثم نتهم بعد ذلك بالقتل؟! أليس هذا ظلما؟ ولذلك برأنا القضاء من محرابه المتعالي والحكم عنوان الحقيقة.
والذي يستحق المحاكمة والعقاب والقصاص هم - البلتاجي وصفوت حجازي وأكرم الشاعر وربما تكون أنت أيضا- الذين آتوا بمئات الألوف من الأقاليم, والقناصة يتصايحون أي شيطان قد ألقى بهؤلاء بين أسيافنا التي لا تفعل شيئا غير القتل .
السيد الرئيس لقد قلت أنك ستأخذ القصاص للشهداء ونعرف أنك صادق وتصلي الفجر حاضر وكل الصلوات ولا تغيب عن الجماعات والجمع, وهكذا أهل السنة الكرام فأنت لا تكذب ولكن الناس يخفى عليها فهم اللغة وفي المعاريض مندوحة, ومعنى القصاص قد يكون القود وقد يكون الأخذ من الشيء أو نهاية الشعر عند الرأس وقد يكون بمعنى اقتفاء الأثر, واقتفاء الأثر يكون بمعنيين:
الأول لتتبع الحقيقة والأخذ على يد الجاني.
والثاني للتعفية على أثر الجريمة وطمس الحقائق, ثم تطييب النفوس بعد ذلك بما تطيب به ويبقى التحالف سالما بين الطاهر والمدنس الذي تدربتم عليه على مدى أربعين عاما بدأت مع الرئيس السادات, وهو في الحقيقة إعجاز لا يقدر عليه إلا أصحاب العبقريات الفذة الذين لا يدخرون جهدا في البحث عن السيناريوهات والخيارات التي تحفظ الوطن سالما بين مدنس لا نستطيع إلا الانحناء له وإن هزمناه لأنه أعمق من أن يهزم , وبين طاهر أعجز من أن يحكم وإن حكم, إنها معادلة صعبة لا يقدر عليها إلا أمثالكم الذين تدربوا على المعجزات ولكن المشكلة أن البلهاء لا يفهمونكم وهذا قدركم كان الله في العون.
وأخيرا فسوف تنتهي يوما من مصر ألاعيب الحواة طال الأمد أم قصر....
وآخر دعوانا أن الحمد لله العالمين...