هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟



 
شباس أونلاينالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر | 
 

 هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو أحمد بن عبدالله
أبو أحمد بن عبدالله



معلومات اضافية
الجنس : ذكر

العمل : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Profes10

الاقامة : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Egypt10

العمر : 62

عدد المشاركات : 185

تاريخ الانضمام : 30/10/2011

هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ C13e6510

السيرة النبوية

هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟    28/12/2011, 5:08 pm

مناقشة اعتبار المقاصد
تعريف القصد شرعا وأنواعه :
1 - القصد بمعنى النية والإرادة الجازمة المستلزمة للفعل ويسمى القصد إلى الفعل وهو التعمد للفعل وهو القصد الأول وفقدانه يغير المناط وله صور تندرج تحت باب الخطأ
2- القصد بالفعل وهو الاختيار والطواعية ويسمى القصد الثاني أو المقارن للفعل وفقدانه يلغي المناط وله صور تندرج تحت باب الإكراه
ويطلقه بهذين المعنيين معا أهل السنة والإتباع من السلف الصالح
راجع عوارض الأهلية للجبوري450
وفي الموافقات يقول الشاطبي :
( إن الأعمال بالنيات والمقاصد معتبرة في التصرفات من العبادات والعادات والأدلة على هذا المعنى لا تنحصر...وأيضا فالعمل إذا تعلق به القصد تعلقت به الأحكام التكليفية وإذا عري عن القصد لم يتعلق به شيء منها كفعل النائم والمجنون والغافل ..) ا.هـ
وفي إعلام الموقعين 3/106 يقول ابن القيم رحمه الله :
« فإن المتكلم عليه أن يقصد بتلك الألفاظ معانيها والمستمع عليه أن يحملها على تلك المعاني فإن لم يقصد المتكلم بها معانيها بل تكلم بها غير قاصد لمعانيها أو قاصدًا لغيرها أبطل الشارع عليه قصده فإن كان هازلاً أو لاعبًا لم يقصد المعني ألزمه الشارع المعني كمن هزل بالكفر والطلاق والنكاح والرجعة بل لو تكلم الكافر بكلمة الإسلام هازلاً ألزمه به وجرت عليه أحكامه ظاهرًا ». أ.هـ.
ويقول ابن تيمية في الفتاوى 5/248 :
( بل التوحيد الذي لابد منه لا يكون إلا بتوحيد الإرادة والقصد وهو توحيد العبادة وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله : أن يقصد الله بالعبادة ويريده بذلك دون ما سواه وهذا هو الإسلام فإن الإسلام يتضمن أصلين:أحدهما : الاستسلام لله وحده والثاني : أن يكون ذلك لله سالما فلا يشركه أحد في الإسلام وهذا هو الاستسلام له دون ما سواه وسورة ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) تفسر ذلك. ولا ريب أن العمل مسبوق بالعلم. فلابد أن يعلم ويشهد أن لا إله إلا الله ) ا.هـ
ويقول ابن تيمية في منهاج السنة 3/ 99 :
( والإنسان قد يكون في قلبه معارف وإرادات ولا يدري أنها في قلبه فوجود الشيء في القلب شيء والدراية به شيء آخر، ولهذا يوجد الواحد من هؤلاء يطلب تحصيل ذلك في قلبه وهو حاصل في قلبه فتراه يتعب تعبًا كثيرًا لجهله ، وهذا كالموسوس في الصلاة فإن كل من فعل فعلاً باختياره وهو يعلم ما يفعله فلابد أن ينويه ووجود ذلك بدون النية التي هي الإرادة ممتنع.) ا.هـ

أما تفسير القصد بالاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر نفسه أو الباعث للكفر فليس له اعتبار عند أهل السنة والسلف الصالح في الدنيا والآخرة وليس شرطا في الكفر
والأدلة على ذلك كثيرة :
بعض الأدلة من القرآن الكريم
الدليل الأول من القرآن :
قال تعالى [وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ]. {التوبة}.
قال ابن تيمية في الإيمان 208 عن هذه الآية :
( فدل على أنهم لم يكونوا عند أنفسهم قد أتوا كفرا بل ظنوا أن ذلك ليس بكفر فبين أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه فدل على أنه كان عندهم إيمان ضعيف ففعلوا هذا المحرم الذي عرفوا أنه محرم ولكنهم لم يظنوه كفرا وكان كفرا كفروا به فإنهم لم يعتقدوا جوازه ) ا.هـ
وفي محاسن التأويل للقاسمي 8/253 :
( [وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ ]- أي عن إتيانهم بتلك القبائح المتضمنة للاستهزاء بما ذكر [ لَيَقُولُنَّ ]- أي في الاعتذار إنه لم يكن عن القلب حتى يكون نفاقا وكفرا بل – [إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ]- أي ندخل هذا الكلام لترويح النفس ... قال الكيا الهراسي الطبري الشافعي فيه دلالة على أن اللاعب والجاد في إظهار كلمة الكفر سواء وأن الاستهزاء بآيات الله كفر ) ا.هـ
وفي تفسير القرطبي 4/3036 :
( قال القاضي أبو بكر بن العربي : لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جدا أو هزلا وهو كيفما كان كفر فإن الهزل بالكفر كفر لا خلاف فيه بين الأمة ) ا.هـ
وفي أحكام القرآن 4/248 يقول أبو بكر الجصاص عنها :
( فيه الدلالة على أن اللاعب والجاد سواء في إظهار كلمة الكفر على غير وجه الإكراه لأن هؤلاء المنافقين ذكروا أنهم قالوا ما قالوا لعبا فأخبر الله عن كفرهم باللعب بذلك وروي عن الحسن وقتادة: أنهم قالوا في غزوة تبوك أيرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام ؟! هيهات هَيهات ؟! فأطلع الله نبيه على ذلك , فأخبر أن هذا القول كفر منهم على أي وجه قالوه من جد أو هزل فدل على استواء حكم الجاد والهازل في إصدار كلمة الكفر ودل أيضا على أن الاستهزاء بآيات الله وبشيء من شرائع دينه يكفر فاعله ) ا.هـ
فاعتقاد الكفر أو قصد الكفر أو الباعث عليه أو العلم بالكفر ليس بلازم أو شرط للكفر
الدليل الثاني من القرآن :
قال تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ] {الحجرات:2}
يقول ابن تيمية في الصارم المسلول 54 عن هذه الآية :
( فوجه الدلالة أن الله سبحانه نهاهم عن رفع أصواتهم فوق صوته صلى الله عليه وسلم وعن الجهر له كجهر بعضهم لبعض لأن هذا الرفع والجهر قد يفضي إلى حبوط العمل وصاحبه لا يشعر فإنه علل نهيهم عن الجهر وتركهم له بطلب سلامة العمل عن الحبوط وبين أن فيه من المفسدة جواز حبوط العمل وانعقاد سبب ذلك
وما قد يفضي إلى حبوط العمل يجب تركه غاية الوجوب والعمل يحبط بالكفر قال سبحانه [وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ] {البقرة:217} وقال تعالى [وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ] {المائدة:5} وقال تعالى[ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] {الأنعام:88} وقال[وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ] {الزُّمر:65} وقال [ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ] {محمد:9} , كما أن الكفر إذا قارنه عمل لم يقبل لقوله تعالى [الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ] {محمد:1} , وقوله [وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ] {التوبة:54} , وهذا ظاهر ولا يحبط الأعمال غير الكفر لأن من مات على الإيمان فإنه لابد أن يدخل الجنة ويخرج من النار إن دخلها ولو حبط عمله لم يدخل الجنة قط ولأن الأعمال إنما يحبطها ما ينافيها ولا ينافي الأعمال مطلقا إلا الكفر وهذا معروف من أصول أهل السنة ,
نعم قد يبطل بعض الأعمال بوجود ما يفسده كما قال تعالى [لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأَذَى] {البقرة:264} , ولهذا لم يحبط الله الأعمال في كتابه إلا بالكفر,
فإذا ثبت أن رفع الصوت فوق صوت النبي والجهر له بالقول يخاف منه أن يكفر صاحبه وهو لا يشعر ويحبط عمله بذلك وأنه مظنة لذلك وسبب فيه فمن المعلوم أن ذلك لما ينبغي له من التعزير والتوقير والتشريف والتعظيم والإكرام والإجلال ولما أن رفع الصوت قد يشتمل على أذى له واستخفاف به وإن لم يقصد الرافع ذلك فإذا كان الأذى والاستخفاف الذي يحصل في سوء الأدب من غير قصد صاحبه يكون كفرا , فالأذى والاستخفاف المقصود المتعمد كفر بطريق الأولى ) ا.هـ
ويقول الفخر الرازي الشافعي في التفسير الكبير مفاتح الغيب 28/114 :
( قوله ( أن تحبط ) إشارة إلى أنكم إن رفعتم أصواتكم وتقدمتم تتمكن منكم هذه الرذائل وتؤدي إلى الاستحقار ، وإنه يفضي إلى الانفراد والارتداد المحبط وقوله تعالى : ( وأنتم لا تشعرون ) إشارة إلى أن الردة تتمكن من النفس بحيث لا يشعر الإنسان ) ا.هـ
وقال البخاري في التفسير:
( باب قوله [ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ] – تشعرون : تعلمون , ومنه الشاعر - ونقله الحافظ في الفتح عن أبي عبيدة في الشرح 8/455 ). ا.هـ

الدليل الثالث من القرآن:
قال تعالى[فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ] {الأعراف:30}
قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسيرها :
( وهذا من أبين الدلالة على خطأ قول من زعم أن الله لا يعذب أحدا على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها فيركبها عنادا منه لربه فيها لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضل وهو يحسب أنه مهتدٍ وفريق الهدى فرقٌ وقد فرّق الله بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية ) ا.هـ , ونقله ابن كثير عنه ,
وأقره القاسمي 7/53 وقال القاسمي أيضا:
( وحاصله كما قال القاضي أن الآية دلت على أن الكافر المخطئ والمعاند سواء في استحقاق الذم قال القاضي : وللفارق أن يحمله على المقصر في النظر أي يحمل الضمير في(اتخذوا) على الكافر المقصر في النظر وأما الذين اجتهدوا وبذلوا الوسع فمعذورون كما هو مذهب البعض كذا في العناية ) ا.هـ
ويقول الإمام البغوي في تفسيره معالم التنزيل2/156
( فيه دلالة على أن الكافر الذي يظن أنه في دينه على الحق والجاحد والمعاند سواء ) ا.هـ
الدليل الرابع من القرآن:
قال تعالي [قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا(103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا(104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا(105) ]. {الكهف}.
قال القرطبي في تفسيرها :
(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ) فيه دلالة على أن من الناس من يعمل العمل ويظن أنه محسن وقد حبط سعيه والذي يوجب إحباط السعي إما فساد الاعتقاد أو المراءاة والمراد هنا الكفر ) ا.هـ
وقال ابن كثير في تفسيرها :
( فإن هذه الآية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى وقبل وجود الخوارج بالكلية وإنما هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية أنه مصيب فيها وأن عمله مقبول وهو مخطئ وعمله مردود كما قال تعالى [وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ(2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ(3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً(4) ]. {الغاشية}., وقال تعالى [وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا] {الفرقان:23} , وقال تعالى [وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا] {النور:39} ... وقال (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا) أي عملوا أعمالا باطلة على غير شريعة مشروعة مرضية مقبولة (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) أي يعتقدون أنهم على شيء وأنهم مقبولون محبوبون ) ا.هـ
الدليل الخامس من القرآن :
قال تعالى[وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ(36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ(37) ]. {الزُّخرف}.
يقول ابن القيم في مفتاح دار السعادة 1/47 عنها:
( فأخبر سبحانه أن من ابتلاه بقرينه من الشياطين وضلاله به إنما كان بسبب إعراضه وعشوّه عن ذكره الذي أنزله على رسوله فكان عقوبة هذا الإعراض أن قيّض له شيطانا يقارنه فيصده عن سبيل ربه وطريق فلاحه وهو يحسب أنه مهتدٍ حتى إذا وافى ربه يوم القيامة مع قرينه وعاين هلاكه وإفلاسه قال [يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ المَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ القَرِينُ] {الزُّخرف:38} , وكل من أعرض عن الاهتداء بالوحي الذي هو ذكر الله فلابد أن يقول هذا يوم القيامة
فإن قيل: فهل لهذا عذر في ضلاله إذ كان يحسب أنه على هدى كما قال تعالى (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ) ؟!
قيل : لا عذر لهذا وأمثاله من الضُّلال الذين منشأ ضلالهم الإعراض عن الوحي الذي جاء به الرسول ولو ظن أنه مهتدٍ فإنه مُفرّط بإعراضه عن اتباع داعي الهدى , فإذا ضلَّ فإنما أتِيَ من تفريطه وإعراضه . وهذا بخلاف من كان ضلاله لعدم بلوغ الرسالة وعجزه عن الوصول إليها فذاك له حكم آخر , والوعيد في القرآن إنما يتناول الأول وأما الثاني فإن الله لا يعذب أحدا إلا بعد إقامة الحجة عليه كما قال تعالى [وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا] {الإسراء:15} , وقال : [رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا] {النساء:165} , وقال تعالى [وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ] {الزُّخرف:76} ) ا.هـ
وهذه الأدلة قد استدل بها الشيخ ابن باز وعلماء الدعوة النجدية رحمهم الله على كفر الضالين من عباد القبور وأمثالهم وإن لم يقصدوا الكفر نفسه وإن لم يعتقدوه وإن كانوا جهالا مهما كان الباعث على ذلك .
بعض الأدلة من السنة
الدليل الأول من السنة :
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ) وفي رواية عند البخاري (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم )
قال الحافظ في الفتح11/317 :
( قال القاضي عياض : يحتمل أن تكون تلك الكلمة من الخنا والرفث وأن تكون في التعريض بالمسلم بكبيرة أو بمجون أو استخفاف بحق النبوة والشريعة وإن لم يعتقد ذلك ... ويقول الحافظ : ( لا يلقي لها بالا ) بالقاف في جميع الروايات أي لا يتأملها بخاطره ولا يتفكر في عاقبتها ولا يظن أنها تؤثر شيئا وهو من نحو قوله تعالى [إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ] {النور:15} وقد وقع في حديث بلال بن الحارث المزني الذي أخرجه مالك وأصحاب السنن وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم بلفظ ( إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة ) وقال في السخط مثل ذلك ) ا.هـ
واستدل به العلماء ومنهم ابن تيمية في عدم اعتبار قصد الكفر واعتقاده وباعثه فقال في الصارم المسلول527 :
( فقد اتفقت نصوص العلماء من جميع الطوائف على أن التنقص له كفر مبيح للدم وهم في استتابته على ما تقدم من الخلاف ولا فرق في ذلك بين أن يقصد عيبه لكن المقصود شيء آخر حصل السب تبعا له أو لا يقصد شيئا من ذلك بل يهزل ويمزح أو يفعل غير ذلك فهذا كله يشترك في هذا الحكم إذا كان القول نفسه سباً فإن الرجل يتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب , ومن قال ما هو سب وتنقص له فقد آذى الله ورسوله وهو مأخوذ بما يؤذي به الناس من القول الذي هو في نفسه أذى , وإن لم يقصد أذاهم , ألم تسمع إلى الذين قالوا : ( إنما كنا نخوض ونلعب ) فقال الله تعالى [ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ]. {التوبة}.) ا.هـ
الدليل الثاني من السنة :
روى البخاري ومسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة ) ,
يقول الحافظ في الفتح 12/313 :
( وممن جنح إلى بعض هذا البحث الطبري في تهذيبه فقال بعد أن سرد أحاديث الباب : فيه الرد على قول من قال لا يخرج أحد من الإسلام من أهل القبلة بعد استحقاقه حكمه إلا بقصد الخروج منه عالما فإنه مبطل لقوله في الحديث ( يقولون الحق ويقرأون القرآن ويمرقون من الإسلام ولا يتعلقون منه بشيء ) ومن المعلوم أنهم لم يرتكبوا استحلال دماء المسلمين وأموالهم إلا بخطأ منهم فيما تأولوه من آي القرآن على غير المراد منه ... ثم قال الحافظ : وفيه أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه ومن غير أن يختار دينا على دين الإسلام ) ا.هـ
وقال أبو بطين في الدرر السنية 10/391 :
( ومما يبين أن الجهل ليس بعذر في الجملة قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج ما قال مع عبادتهم العظيمة ومن المعلوم أنه لم يوقعهم فيه إلا الجهل وهل صار الجهل عذرا لهم ؟ ) ا.هـ
الدليل الثالث من السنة :
روى ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبري وصححه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي : عن ابن
عمر رضي الله عنهما قال: قال رجل في غزوة تبوك : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا وأكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء – يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه القراء , فقال له عوف بن مالك كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب فوجد القرآن قد سبقه فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته فقال يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به عناء الطريق , قال ابن عمر : كأني أنظر إليه متعلقا بنسعة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الحجارة لتنكب رجليه وهو يقول إنما كنا نخوض ونلعب فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم [أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ]. {التوبة}. ما يلتفت إليه وما يزيد عليه ) ا.هـ
وفي تيسير العزيز الحميد 619 قال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ :
( أي يعتذرون بأنهم لا يقصدوا الاستهزاء والتكذيب ,إنما قصدوا الخوض في الحديث واللعب [وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65)]. {التوبة}., لم يعبأ باعتذارهم إما لأنهم كانوا كاذبين فيه وإما لأن الاستهزاء على وجه الخوض واللعب لا يكون صاحبه معذورا وعلى التقديرين فهذا عذر باطل فإنهم أخطأوا موقع الاستهزاء وهل يجتمع الإيمان بالله وكتابه ورسوله والاستهزاء بذلك في قلب ؟! بل ذلك عين الكفر فلذلك كان الجواب مع ما قبله [ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ]. {التوبة}.... ثم نقل عن ابن تيمية قوله : وقول من يقول إنهم كفروا بعد إيمانهم بلسانهم مع كفرهم أولا بقلوبهم ! لا يصح لأن الإيمان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر فلا يقال ( قد كفرتم بعد إيمانكم ) فإنهم لم يزالوا كافرين في نفس الأمر وإن أريد إنكم أظهرتم الكفر بعد إظهاركم فهم لم يظهروا ذلك إلا لخواصهم ...
ثم قال الشيخ سليمان :وفي الآية دليل على أن الرجل إذا فعل الكفر ولم يعلم أنه كفر لا يعذر بذلك بل يكفر وعلى أن السابّ كافر بطريق الأولى نبه عليه شيخ الإسلام .... وفي هذا الحديث من الفوائد أن الإنسان قد يكفر بكلمة يتكلم بها أو عمل يعمل به وأشدها خطرا إرادات القلوب فهي كالبحر الذي لا ساحل له ) ا.هـ
من أقوال العلماء
في أن اعتقاد الكفر أو قصد الكفر أو الباعث عليه أو العلم بالكفر ليس بشرط لازم للكفر
من أقوال أئمة الأحناف
في بدائع الصنائع 9/4378 وشرح الفقه الأكبر 207 ( يقول الإمام أبو حنيفة في رواية أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم عنه : لا عذر لأحد في جهله معرفة خالقه لأن الواجب على جميع الخلق معرفة الرب سبحانه وتعالى وتوحيده لما يرى من خلق السماوات والأرض وسائر ما خلق الله فأما الفرائض فمن لم يعلمها ولم تبلغه فإن هذا لم تقم عليه حجة حُكمية ) ا.هـ
وفي مجمع الأنهر كتاب الردة 696 قال الشيخ زادة الحنفي
( وإن لم يعتقد أو لم يعلم أنها لفظة الكفر فقد كفر عند عامة العلماء ولا يعذر بالجهل ) ا.هـ
نقل علي القاري ( في شرح الفقه الأكبر421 ) عن صدر الدين القونوي الحنفي قال :
( ولو تلفظ بكلمة الكفر طائعا غير معتقد له يكفر لأنه راض ٍ بماشرته وإن لم يرضَ بحكمه ولا يعذر بالجهل عند عامة العلماء خلافا للبعض ) أ.هـ
ونقل عن الإمام السرخسي قوله ( وكذا لو صلى لغير القبلة أو بغير طهارة متعمدا يكفر وإن وافق ذلك القبلة وكذا إن وافق الطهارة وكذا لو أطلق كلمة الكفر استخفافا لا اعتقادا ) ا.هـ
ونقل الإمام الكشميري في فيض الباري شرح صحيح البخاري 1/50 عن ابن الهمام إمام الأحناف قال ( ولذا قال تعالى [ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ]. {التوبة}. في جواب قولهم [إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ]. {التوبة}. ولم يقل إنكم كذبتم في قولكم بل أخبرهم بأنهم بهذا اللعب والخوض اللذين هما من أخص علائم الكفر خلعوا ربقة الإسلام من أعناقهم وخرجوا من حماه إلى الكفر فدل على أن مثل تلك الأفعال إذا وجدت في رجل يحكم عليه بالكفر ولا ينظر إلى تصديقه في قلبه ولا يلتفت إلى أنها كانت منه خوضا وهزوا فقط أو كانت عقيدة ) ا.هـ
ومن أقوال المالكية :
قال القاضي عياض المالكي ونقله ابن حجر الهيتمي من الشفا بشرح علي القاري 2/438 :
( من تكلم غير قاصد للسب له ولا معتقد له في جهته صلى الله عليه وسلم بكلمة الكفر من لعنه أو سبه أو تكذيبه أو إضافة ما لا يجوز عليه أو بنفي ما يجب له مما هو في حقه صلى الله عليه وسلم نقيصة مثل أن ينسب إليه الكبيرة أو المداهنة في تبليغ الرسالة أو في حكم بين الناس أو يغض من مرتبته أو شرف نسبه أو وُفور علمه أو زهده أو يكذب بما اشتهر من أمور أخبر بها صلى الله عليه وسلم وتواتر الخبر بها عنه عن قصد لرد خبره أو يأتي بسَفهٍ من القول ونوع من السب في جهته وإن ظهر بدليل حاله أنه لم يتعمد ذمه ولم يقصد سبه إما لجهالة حملته على ما قاله أو لضجر أو سكر اضطره إليه أو قلة مراقبة وضبط للسانه فحكمه القتل دون تلعثم إذ لا يعذر أحد في الكفر بالجهالة ولا بدعوى زلل اللسان ولا بشيء مما ذكرناه إذا كان عقله في فطرته السليمة إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان وبهذا أفتى الأندلسيون على من نفى الزهد عنه صلى الله عليه وسلم كما مر ) ا.هـ
ويقول العلامة الدردير المالكي في الشرح الصغير باب الردة 347 :
( ولا يعذر بجهل أو سكر أو تهور أو بغيظ أو بقوله أردت كذا قال في الشرح : (ولا يعذر) الساب( بجهل) لأنه لا يعذر أحد في الكفر بالجهل , (أو تهور) كثرة الكلام بدون ضبط ولا يقبل منه سبق اللسان (أو غيظ) فلا يعذر إذا سب حال الغيظ بل يقتل ( أو بقوله أردت كذا ) أي أنه إذا قيل له بحق رسول الله فلعن ثم قال أردت العقرب أي أنها مرسلة لمن تلدغه فلا يقبل منه ويقتل ) ا.هـ
وقال الإمام المقري المالكي في القواعد والفوائد الأصولية 52:
( أمر الله عز وجل العلماء أن يبينوا ومن لا يعلم يسأل فلا عذر بالجهل ما أمكن التعلم ) ا.هـ
وقال الإمام القرافي في الفروق عن أدعية جُهال الصوفية :
( واعلم أن الجهل بما تؤدي إليه هذه الأدعية ليس عُذرا للداعي عند الله تعالى لأن القاعدة الشرعية دلت على أن كل جهل يمكن المكلف دفعه لا يكون حجة للجاهل فإن الله تعالى بعث رسله إلى خلقه برسائله وأوجب عليهم كافة أن يعلموها ثم يعملوا بها فالعلم والعمل واجبان فمن ترك التعلم والعمل وبقي جاهلا فقد عصى الله معصيتين لتركه واجبين وإن علم ولم يعمل فقد عصى معصية واحدة بترك العمل ومن علم وعمل فقد نجا ... ) أ.هـ
ومن أقوال الشافعية :
قول ابن حجر الهيتمي في الإعلام بقواطع الإسلام 65 بعد نقل كلام القاضي عياض :
( وما ذكره ظاهر موافق لقواعد مذهبنا إذ المدار في الحكم بالكفر على الظواهر ولا نظر بالمقصود والنيات ) ا.هـ
ونقل الزركشي صاحب المنثور في القواعد 2/15 :
قول الشافعي رحمه الله ( لو عُذر الجاهل لأجل جهله لكان الجهل خيراً من العلم إذ كان يحُط عن العبد أعباء التكليف ويريح قلبه من ضروب التعنيف فلا حجة للعبد في جهله الحكم بعد التبليغ والتمكين لئلا يكون على الله حجة بعد الرسل ) ا.هـ
يقول الحافظ في الفتح 12/313 :
( وممن جنح إلى بعض هذا البحث الطبري في تهذيبه فقال بعد أن سرد أحاديث الباب : فيه الرد على قول من قال لا يخرج أحد من الإسلام من أهل القبلة بعد استحقاقه حكمه إلا بقصد الخروج منه عالما فإنه مبطل لقوله في الحديث ( يقولون الحق ويقرأون القرآن ويمرقون من الإسلام ولا يتعلقون منه بشيء )... ثم قال الحافظ : وفيه أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه ومن غير أن يختار دينا على دين الإسلام ) ا.هـ
ومن أقوال الحنابلة :
قال ابن تيمية في الصارم المسلول 177 :
(وهذا شأن كل من تعمد الكذب عليه فإنه إنما يقصد تحصيل غرض له إن لم يقصد الاستهزاء به والأغراض في الغالب إما مال أو شرف كما أن المسيء إنما يقصد إذا لم يقصد مجرد الإضلال، إما الرياسة بنفاذ الأمر وحصول التعظيم أو تحصيل الشهوات الظاهرة ، وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كُفر كفرَ بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرا إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله ) ا.هـ ,
ويقول ابن تيمية في الصارم 325 :
( والغرض هنا أنه كما أن الردة تتجرد عن السب فكذلك قد تتجرد عن قصد تبديل الدين وإرادة التكذيب بالرسالة كما تجرد كفر إبليس عن قصد التكذيب بالربوبية وإن كان عدم هذا القصد لا ينفعه كما لا ينفع من قال الكفر( أي من تلفظ به ) أن لا يقصد أن يكفر ) ا.هـ
وقال ابن تيمية في الصارم 528 :
( فمن شاجر غيره في حكم وحرك لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحش في منطقه فهو كافر بنص التنزيل ولا يعذر بأن مقصوده رد الخصم فإن الرجل لا يؤمن حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ) ا.هـ
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد 617 في شرح باب من هزل بشيء فيه ذكر الله .. ( شيء ) أي أنه يكفر بذلك لاستخفافه بجناب الربوبية والرسالة وذلك مناف للتوحيد ولهذا أجمع العلماء على كفر من فعل شيئا من ذلك فمن استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله أو بدينه كفرَ ولو هازلا لم يقصد حقيقة الاستهزاء إجماعا) ا.هـ ,
وقال أيضا في تيسير العزيز 554 على قوله تعالى [لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ]. {التوبة}.
( والآية دليل على أن الرجل إذا فعل الكفر لو لم يعلم أو يعتقد أنه كافر لا يعذر بذلك بل يكفر بفعله القولي والعملي ) ا.هـ
ومن أقوال بعض العلماء :
قال الإمام الشوكاني في الرسائل السلفية 2/29 :
( وكثيرا ما يأتي هؤلاء الرعايا بألفاظ كفرية فيقول هو يهودي ليفعلن كذا وليفعل كذا .. ومرتد تارة بالفعل وهو لا يشعر ) ا.هـ
وقال محمد بن إسماعيل الصنعاني في تطهير الاعتقاد 36 : ( قلت قد خرج الفقهاء في كتب الفقه في باب الردة أن من تكلم بكلمة الكفر يكفر وإن لم يقصد معناها ) ا.هـ
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم في فتاويه 12/191 :
(س1:يقول بعضهم إن كان مراده كذا فهو كافر ؟ قال : ( مراد هؤلاء أنه لا يكفر إلا المعاند فقط وهذا من أعظم الغلط فإن أقسام المرتدين معروفة منهم من ردته عناد وبعضهم لا , وفي القرآن قال عز وجل ( ويحسبون أنهم مهتدون) وحسبانهم أنهم على شيء لا ينفعهم , وبعضهم يقولون إن كان مرادهم كذا , وهذه شبهة كالشبهة الأخرى وهي عدم تكفير المنتسب إلى الإسلام وتلك شبهة عدم تكفير المعين وصريح الكتاب والسنة يرد هذا ) ا.هـ
وقال الشيخ حمد بن عتيق في رسالة الدفاع عن أهل السنة والإتباع 28 نقلا عن الفقهاء :
( فقالوا إن المرتد هو الذي يكفر بعد إسلامه إما نطقا وإما فعلا وإما اعتقادا وقرروا أن من قال الكفر كفر وإن لم يعتقده ولم يعمل به إذا لم يكن مكرها وكذلك إذا فعل الكفر كفر وإن لم يعتقده ولا نطق به ) ا.هـ
وقال الإمام البربهاري في شرح السنة 45 : ( قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى ولا في هدى تركه حسبه ضلالة فقد بينت الأمور وثبتت الحجة وانقطع العذر ) ا.هـ.
يقول الشيخ محمد حامد الفقي في تعليق على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية 351( إن نصوص القرآن والسنة صريحة بأن الجهل جريمة لا عذر , وأن من المعلوم من الضرورة العقلية أن الجاهل للشيء يفسده ولا يصلحه سواء في الدين والدنيا , فمن عجب أن يقيموا ما جعله الله جريمة يعاقب عليها أشد العقوبة عذرا يغفر به البدع والخرافات الجاهلية , التي حولت الناس عن الإسلام إلى الجاهلية الأولى ) أ.هـ

***

مع التحية
جزاك الله خير
أبو أحمد بن عبدالله
أبو أحمد بن عبدالله



معلومات اضافية
الجنس : ذكر

العمل : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Profes10

الاقامة : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Egypt10

العمر : 62

عدد المشاركات : 185

تاريخ الانضمام : 30/10/2011

هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ C13e6510

السيرة النبوية

رد: هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟    28/12/2011, 5:12 pm

تعديل العنوان
هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟
محمود على شهاب
محمود على شهاب



معلومات اضافية
الجنس : ذكر

العمل : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Politi10

العمر : 64

عدد المشاركات : 933

تاريخ الانضمام : 19/11/2010

هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ C13e6510

السيرة النبوية

رد: هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟    30/12/2011, 1:12 pm

دائما ما تثرينا بموضوعات غاية في الاهمية والروعة جعلها الله في ميزان حسناتك
وهذا ليس بغريب عليك
انا لم اعلق علي ما كنت تكتب لانني كنت متشكك في شخصيتك ولكن كان الاسلوب
قريب مني جدا واقول هوه لا مش هو؟ولكن كل الشواهد كانت تؤكد انه انت
واحشني يا ابو احمد والله وانا ذهبت لك وانا في الاجازة ولكن لم يكن لنل نصيب
في اللقاء المهم يارب تكون بخير وعلي موعد بلقاء ان شاء الله
{{}
gtfr
أبو أحمد بن عبدالله
أبو أحمد بن عبدالله



معلومات اضافية
الجنس : ذكر

العمل : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Profes10

الاقامة : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Egypt10

العمر : 62

عدد المشاركات : 185

تاريخ الانضمام : 30/10/2011

هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ C13e6510

السيرة النبوية

رد: هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟    30/12/2011, 10:05 pm

حبيبي أبو محي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا على المرور الكريم وكلك واجب وانت منور المنتدى بالأخبار الطازة والمداخلات المبدعة والروابط ما شاء الله عليك وهذا ما نعرفه عنك من النشاط والحيوية في كل شيء وفقك الله لما يحب ويرضى وبارك الله فيك وفي أولادك ودايما في القلب وعلى اتصال والله الموفق
اميرة باخلاقى
اميرة باخلاقى



معلومات اضافية
الجنس : انثى

العمل : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Cook10

الاقامة : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Egypt10

العمر : 35

عدد المشاركات : 258

تاريخ الانضمام : 31/12/2011

هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ C13e6510

السيرة النبوية

رد: هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟    4/1/2012, 11:23 pm

هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ 335363 هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ 944521
صبري شرف
صبري شرف



معلومات اضافية
الجنس : ذكر

العمل : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Office10

الاقامة : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Soudia10

العمر : 37

عدد المشاركات : 351

تاريخ الانضمام : 13/05/2011

هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ C13e6510

السيرة النبوية

رد: هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟    6/1/2012, 9:13 am

{{}
أبو أحمد بن عبدالله
أبو أحمد بن عبدالله



معلومات اضافية
الجنس : ذكر

العمل : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Profes10

الاقامة : هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ Egypt10

العمر : 62

عدد المشاركات : 185

تاريخ الانضمام : 30/10/2011

هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟ C13e6510

السيرة النبوية

رد: هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟    12/1/2012, 12:52 pm

وجزاكم الله خيرا وأحسن إليكم
وفقنا الله وإياكم لكل خير
 

هل المقاصد هي الاعتقاد أو العلم أو قصد الكفر أو الباعث عليه ؟

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

-
» هل يتوقف التأويل على المقاصد ؟
» الكفر مباح يافنان
» هل يجوز كتمان الدين وإظهار الكفر ؟
» ضوابط مناط الكفر المخرج من الملة
» رد طوائف التكفير .. الطائفة الرابعة :عدم مراعاة ضوابط الكفر
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أبناء شباس عمير :: القسم الدينى ::   :: دروس ومواعظ دينية-

جميع المشاركات والمواضيع في منتدي أبناء شباس عمير تعبر عن وجهة نظر كاتبها|جميع الحقوق محفوظة لمنتدى أبناء شباس عمير 2011

 

©phpBB | منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع