د.صابر شهاب عضو مجلس أمناء حكومة ظل شباب الثورة يكتب:
سقوط التابوهات (سقوط المشيخية والبابوية وأهل الوصاية) (4)
وحده السيل الذى يستطيع أن يحمل كل العوالق و العوائق التى تتحدى مجراه بفعل الجفاف والقسوة ...ووحده يستطيع أن يجبرها أن تخرج من حالة الركود و السكون الى الحالة التى يحددها ...و بطبيعته الثورية يحدد سريانها و مسارها بل و إتجاهها ...فهى من اليوم لن تقف أمامه و لن تستطيع ... و إلا ليس لها سبيل عند مقاومته و تحديه الإ عدم الاتزان و الدخول فى الدوامات (مرحلة الغريق) و الخطر و تخوض غالبا ًمعركتها الاخيرة... أو ما يسمى مجازاً (رقصة الموت) ...
هو ذلك الذى يستطيع ان يجمع كل ما تفرق فى هذا الجدول و أن يعيد إليه مكانة ومكانته ,حياته و حيويته ,سكانه و قاطنيه... بعد أن شردهم الجفاف و فرقتهم العوائق و شرذمتهم العوالق.
حدثت المفاجأة التى اربكت صناع السدود و محدثى الجفاف و تجار الموت و جاء السيل وعلى غير العادة ...ثائراً متمرداً حالماً بالتغيير... غير عابىء بقسوة المسار ووعثاء السفر... و بالرغم من محاولة سكانه لترويضه إلا أنه لا يعبأ لهم... لانه وحده هو الذى ينطلق بفرق جهد مدركاً مساره و مسيرته... و لن يهدأ حتى يكمل مساره و يصل الفيضان منتهاه وتتشبع الرغبة و يتحقق الطموح و يحيى الله الأرض بعد موتها .
هى الثورة... التى وحدت شعباً فى أيام قليلة... لعب حكامه على فرقته و تفريقه و تمزيقه بشتى السبل و على جميع المناحى و الذى يخصنا اليوم هو المشهد الإجتماعى لهذا السيل أو هذه الثورة التى و على غير موعد و على غير النمط وحدت المصريين و كان شعورهم جميعا الخروج من العزلة و الجمود الفكرى منطلقين من السيولة الفكرية لا يسأل أحداً أحدعن دينه أو إنتمائه مع إحترامنا جميعاً للأديان فتوحد المصريين بالرغم من رفض الأزهر و رفض الكنيسة و بعض التيارات الإسلامية الحليفة و تأييدها لمبارك بل و لمشروع التوريث إلا أن التمرد كان سيد الموقف تغيرت الفتاوى و تضاريت.... والحقيقة أنها أجلى تصوير لسقوط المشيخية و البابوية الزريع التى طالما وقفت إلى جانب النظام و لطالما ستقف... لأن لها حسابات مع النظام و مرتبطة به عضوياً... أو قل أنها تعمل كوسيط (تجارى) لحسابها الخاص... ما أود ان اقوله أن هذا الأمر ليس جديداً على المصريين فهذه( طبيعة المصريين) منذ آلآف السنين لا يحبون العنف ولا الطائفية ولا الدموية .
لكن السؤال المهم ما الذي حجب هذه الطبيعة خلال ال 40 عاماً الماضية على وجة التحديد ثم ظهرت مع الثورة؟
ليس هناك إلا إجابة واحدة أنها كانت برعاية من أسقطته الثورة فحينما سقطت الاجهزة الامنية زالت اعراض الطائفية و حينما زالت عادت روح المصريين و من هنا تبدأ الحكاية و يبدو أن اللغز فى المسألة سيتضح.... لا أحد يتننكر للطبيعة الدينية للمصريين فهذه خصوصية نحترمها و نقدرها كثيراً إنما نحن نؤكد على إستخدامها و توظيفها أمنياً فأحداث الطائفية منذ السبعينيات تدار برعاية امنية لإدارة توازنات فى المجتمع لإحداث خلل إجتماعى يؤدى إلى أزمة هوية و إغتراب مجتمعى سيؤدى حتماً إلى فراغ سياسى و ضعف للمشاركة حتماً سيؤدى إلى الإنفراد الكامل بالسلطة و هو المطلوب... وهذه الصفقة لم تكن لتتم إلا برعاية هذه المشيخية وهذه البابوية لأنه حينما تحدث أزمات هوية وإغتراب مجتمعي و فراغ سياسى وضعف للمشاركة سيؤدى حتماً إلى العزلة و البحث عن محور جديد للاستقطاب... بالتأكيد سيكون ضيق وبالتأكيد سيكون دينى وبالتأكيد سيكون طائفى و متطرف... وهى صفقة يخرج منها تجار الموت و بائعى الوطن بالغنائم ...ولا يخرج الوطن منها الا ذبيحاً....
وتحت رعاية تجار الموت و بائعى الوطن تمت جرائم الطائفية منذ السبعينيات حتى حادث القديسين الشهير الذى تقف الشرطة خلفه بجلاء كما إتضح للجميع ...وقبله قضية الزيتون وغيرها كثير.....
إنما الذى حدث بعد الثورة شىء غريب وعجيب؟! فقد كان أشد ما يلفت الانتباه هو موقف التحرير (المسيحى والسلفى لحظة إلتقاء ومودة )وبعد الثورة فرقاء وشركاء متشاكسون هل التغير فى الموقف راجع للافراد؟ أم المشيخية والبابوية (برعاية امنية ) هى التى احدثت ذلك؟... كلنا يدرك ...حينما إلتقطت الأجهزة الأمنية أنفاسها بعد ثورة يناير وعلى الفور لم يكن لديها إلا ملف الفراغ الأمنى (البلطجية) وهو ليس حديثنا اليوم... و الملف الثانى هو الطائفية و هو ما نتحدث عن مساره وأدواته فقط .
فالذى كنت أعرفه أن الكنيسة دائماً تقول فى كتابها المقدس دع مالقيصر لقيصر وما لله لله وعدم التدخل فى الشأن السياسي... و الذى كنت أعرفه عن المشيخية وفتاويهم عدم الخروج على ولى الأمر... وأن تغيير المنكر باليد للحاكم فقط ...ومن هنا وحينما بدأت أحداث أطفيح و بدأت مظاهرات الأقباط أمام ماسبيرو ترفع الصلبان (راجعون لثقافة العصور الوسطى) مرددين شعارات بالروح بالدم نفديك يا صليب ؟...وما لبث أن قام السلفيون منادين بعودة أختهم كاميليا... بالرغم انهم لم يفعلوا شيئا لمقتل أخيهم سيد بلال على يد أمن الدولة لماذا؟... (هل من أجل أمن الدولة?) ...أم أن أمن الدولة خط احمر...وأمام غيرهم تتعدد الالوان... أم لصفقات؟... أم لصداقات؟... حتى أكون حسن النية .... (ايه الموضوع )...و توعدوا ان لم يحدث الإفراج عنها سيقتحمون الأديرة ؟! ما هذا ؟!وبدأت على نفس الوتيرة أحداث إمبابة وحتى ماسبيرو وأحداث كثيرة تحدث الأقباط عن إستعدادهم للإستشهاد ؟!وتحت راية الصليب ؟؟ أو التصويت ضد المادة الثانية من الدستور... وتحدثت المشيخية عن غزوة الصناديق...
وكما أننا متأكدون أن الثورة لم تنجح حتى الآن ولم تحقق مطالبها لكننا متأكدون أنها كسرت حاجز الخوف و التابوهات و أعظمها التابوهات الدينية و أسراروسطوة المشيخية و البابوية فهى كسرتها إلى غيررجعة و إن كانت فى مسيرتها للقضاء عليها و إعادة بنائها و ترشيد مسارها و كفها عن الإرتزاق الدينى و السياسى بإسم المسلمين والأقباط و هو ما إتضح جلياً من أحداث كثيرة منها مظاهرات ضد شيخ الازهر و المطالبة بانتخابة بدل التعيين و تحديد مدة لتولية المنصب و كذا تعديل قانون الأزهرو هيئة كبار العلماء و إستقلال الازهر وضم دار الإفتاء لمشيخة الأزهر والتمرد على وزارة الأوقاف وعلى إدارتها التى مازالت تمارس نفس الأعمال و بنفس الطريقة ...وعلى نفس الوتيرة بدأ التمرد على الكنيسة متمثلاً فى طلب الزواج الثانى و أحقيتهم فى الزواج المدنى ورفض البابا فرفعوا ضده آلآف القضايا مطالبين بأحقيتهم فى الزواج المدنى وحدثت مظاهرات بالقاهرة بهذا الشان مما إضطر البابا لعمل إستجابة لبعض تلك المطالب ...وتأكدت فى أعياد الميلاد عند ترحيب البابا للعسكر و حينها ارتفعت الشعارات من داخل الكنيسة... يسقط يسقط حكم العسكر... و هذا ليس له معنى إلا التمرد و كسر الحاجز الذى صمت طويلاً .... ليس لدينا الوقت لشرح التفاصيل إنما هدفنا هو الرصد فقط .
ستسقط المشيخية... وحينما نتكلم عن المشيخية انما نقصد بها علماء السلطة الحالين سواء بالشكل الرسمى التقليدى الذى لم يكن خافياً على احد بالاضافة الى العلماء المضللين من الاتجاهات الاسلامية الحليفة والتى كانت تمنع الخروج على الحاكم كوالى شرعى وتعد الخروج عليه داخل فى دائرة التفرق المذموم ومن ثم يترتب عليه وصف الخوارج والذين جندوا انفسهم دفاعاً وزوداً عن الوالى الشرعى متهمين المعارضين للنظام السابق بالخوارج... فمنهم كنا نعانى وهم من نقصد اليوم... واستخدامنا للفظ المشيخية لانها أصبحت المرجعية(الشيخ) دون الرجوع للعلم الشرعى الرصين المخالف لرأيهم( قطعاً) والذى كان جلياً فى تخبط الفتاوى والمواقف وتضاربها الصارخ والمتصادم والذى لا يليق الا بأهل البدع والأهواء والذى أوقعهم فى دائرة الذم... وجعلهم أقرب الناس للوصف الذى اختاروه لغيرهم (الخوارج) فأدخلهم فى دائرة البدع (بالاختلاف والفرقة وترك المحكم واتباع المتشابة وايثار العداوة والبغضاء) ...ومنه عدم التفريق بين الامام والامامة العظمى وأحكامها ومايترتب عليها وبين الوالى أو الحاكم أو العامل للولاية القطرية الذى قطعا ليس له نفس أحكام الامام وهذه اشكالية ليست مفهومة لديهم على الاطلاق...
وحينما نتكلم عنهم نتفهم مواقفهم القديمة وكيف اثرت فى تفكيرهم... وآرائهم كافية وكفيلة لاسقاطهم فمنهم من وصف الثورة بأنها فتنة والبعد عنها هو التقوى والورع(مذهب السلف) واحتجب ولم ينطق وأغلقوا هواتفهم فأصبحوا(خارج نطاق الخدمة) ولم يظهرالا بعد مرور شهر من خلع مبارك ليتكلم فى محاضرة بعنوان لماذا صَمْتّ? ...(ليته صمت )... ومنهم من تخبطت مواقفه أو تذبذبت ثم لم يحتمل ولم يستطيع أن يتمالك اعصابه حينما حاصر الثوار القصر الجمهورى قائلا ومحرضاً فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء الى أمر الله... ( الموقف فتنه وقتال الفئة الباغية واجب)كان ذلك قبل رحيل مبارك بساعات... ولم يكتفى بذلك بل جعل أول خطبه له بمسجد النور بعد رحيل مبارك عن (المصالحة بين الشرطة والشعب) أى شرطة... وأى شعب؟...ولان الموقف تبدل فأصبحوا هم من سيمارسون السلطة فقد أصبحوا ملكيين أكثر من الملك ولا يخفى عليكم تصريحات مسئول الجماعة الاسلامية عن أحداث محمد محمود وهو يقول المنتحرون على ابواب محمد محمود فى حين ان المجلس العسكرى غير موقفة منهم وعالج الجرحى بمستشفيات القوات المسلحة وعامل القتلى معاملة الشهداء واعترف بهم كشهداء .
ما يهمنا الآن حينما نتكلم عن سقوط المشيخية هو نتائج ذلك على شبابهم وتأثرهم بالسيولة الفكرية... فقطعا استحدثت كيانات جديدة من تلك الكيانات وبدأت تعمل بالتوازى وباستقلالية معلنة صراحة تمردها على المشيخية وهى وان كانت فى بداية الطريق لكن من المؤكد أنها قطعاً تمردت على المشيخية وتبحث عن العمل السياسى بآفاق مفتوحة لم تتبلور بعد... لكنها بدأت... واما من الداخل فذوبان جبل الجليد هو المشهد الداخلى المتصدر وحسب درجة الحرارة الداخلية والسخونة والتفاعل الداخلى سيذوب الجليد ربما أبطىء من غيرهم لكن قطعا سيحدث وان تأخر بعض الوقت.
وحينما نتكلم عن السيولة الفكرية داخل الأخوان وأظنه حادث لا محالة و ذلك بسبب ممارسة العمل السياسى... و بدأ تغيير المعادلات و التوازنات السياسية... والتى ستدخل فى الحسبان بعيداً عن المواقف الأولية التى تربى عليها إلاتجاه وهو ما يمثل التحدى الحقيقى للإخوان... هل سيدخلون فى العمل السياسى بنفس قواعد اللعبة القديمة(المصالح الامريكية أولاً)؟ أم سيضعون قواعد جديدة لممارسة السياسة تتفق ومسارهم التربوى الذى طالما نادوا به ولطالما اشتهروا به؟ هل سيقفون إلى جانب الثورة ومطالب الثورة ؟ أم سيقفون ضد مبادئهم وضد مطالب الثوار؟... وهو ما سيحدث و أتمنى أن اكون مخطئا فالمنتظر تصميم قادتهم على عقد وإبرام صفقات مع النظام وهو ما سيساعد على تمرد (شباب الاخوان) وسيبدأ التناقض وتغيير المواقف الاستراتيجية(القضية الفلسطينية أنموذج)
وحينما نتكلم عن وجود تيارات داخل الاخوان كأكبر تنظيم فهى ايضاً لم تعد تحتمل تصرفات القادة ومكتب الارشاد وخصوصاً بعد مواقفهم المخزية والمخذلة فى أحداث محمد محمود و مجلس الوزراء فشباب الاخوان لن يصمد طويلا تحت الوصاية الارشادية وعلى قدر المسافة التى تكون بين ارتباط الاسلاميين(الرسميين فى السلطة) بالمشروع الامريكى يكون قدر حجم الفجوة التى ستحدث وحجم السيولة التى ستندفع و التى ستتحكم فى سرعة واتجاة السيل ومع السيولة الفكرية وذوبان جبل الجليد الذى بدورة سيصب فى الجدول محدثاً زخماً دوماً نرجوه رشيداً .....
ما نود أن نقوله ان سقوط المشيخية حادث لا محالة ولابد ان يحدث تغير فى شكل وهيئة وتركيب التيارات الاسلامية وسوف تتشكل باشكال جديدة نتمنى لها الرشد وكما ستسقط المشيخية والمصلحية ستسقط أيضا البابوية
ستسقط البابوية التى ولطالما لعبت دوراً خطيراً على الاقباط فهى تلعب دور سياسى على حساب الاقباط وتدفع بهم الى الطائفية وكأنها دولة داخل دولة وحينما اتكلم عن البابوية لا أقصد المنصب ولا أقصد شخص بعينه انما أقصد ممارسة خاطئة استغلت شعبها ولعبت على الوتر الحساس(الشعور الدينى) وتجعلهم أورق ضغط فى يدها تستطيع ان تشعل بهم أزمة فى اى وقت... وبهم تساوم وتقاوم... فتارة نسمع منهم من يقول ان المسلمين ضيوف فى مصر ومنهم من يعتبر ان المسلمين غزاة عرب ولا بد من اخراجهم من مصر... ومنهم من أيد مبارك اثناء الثورة ومنهم من أيده على طول الخط ...ومنهم من يحرك باتجاة تصادمات طائفية مقيتة ربما كان آخرها(لن يرغمنا أحد من الاسلاميين كأغلبية ومستعدون لتقديم شهداء) ماذا يقول وماذا يقصد؟ ومنهم من نادى بالتدخل الامريكى وطلب الحماية الدولية... ومنهم من وصل به التطرف لطلب دولة للاقباط فى مصر... وكما ستسقط المشيخية والبابوية سيسقط ايضا أهل الوصاية ....
سيسقط أهل الوصاية ...ولا املك من غزارة الالفاظ ولاكنوز اللغة ما أعبر به عنهم.هم يسمون انفسهم ليبراليون أو ديمقراطيون وانا لا أرى إرتباطاً أوعلاقةً بين الاسم والمسمى... فالذين يفضلون حكم العسكر على حكم المدنيين بحجه الخوف من وصول الاسلاميين الى الحكم ...والذين يطالبون بتأجيل الانتخابات حتى يشتد عودهم ويترعرعوا لسنوات تحت حكم العسكر... والذين يطالبون بالمبادئ فوق الدستورية ومبادئ حاكمة لحماية مدنية الدولة ...والذين يطالبون بالتدخل الاجنبى لحماية حقوق الاقليات وحماية مصر من الاسلاميين... والذين يحكمون على الشعب بأنه جاهل لأنه انتخب الاسلاميين.. كيف يكون ديمقراطى؟ وكيف يكون ليبرالى؟ أوعن اى ديمقراطية وأى ليبرالية يتحدثون ؟
ومن أظرف ما قيل فى هذا الشأن أن الغرب ذاتة صرح عقب هذه الأحداث بأن الاسلاميين أكثر ديمقراطية من الليبراليين, والليبراليون كما يحلوا لهم ان يسموا انفسهم لا يملكون اقل قواعد الديمقراطية حينما تكون فى غير صالحهم وحينها لا نستطيع إلا ان نسميهم أهل الوصاية... فهى منظمات لا تستطيع إلا ان تعمل إستطلاعات الرأى المضللة التى دوماً تصب فى أمانيهم وإدارة فضائياتهم العديدة فهم اصحاب الصوت الاعلى فى الفضائيات والصحف الخاصة لكن فى الانتخابات وعلى الارض وفى المياديين يمتنعون وعلى الشاشات وبشكل حصرى فقط يظهرون .
فسقوط التابوهات والسيولة الفكرية التى اعقبت الثورة والتى نادت بإسقاط النظام والتمرد على المجتمع ومؤسساتة سوف يكون له تأثير كبيروجوهرى وذوبان جبل الجليد لابد وان يحدث سيولة ستصب فى الجدول مرورا الى النهرالعظيم وستحدث هذه السيولة الارتواء والاشباع والنضج الفكرى الذى نرجوه والذى سيمثل النواة لبناء المجتمع لا محالة لكن المهم هنا ان نوضح أمرين :
أولا:ان سقوط التابوهات مرتبط بسقوط النظام فعلى قدر سقوط النظام ستسقط الطائفية وعلى قدر سقوطها ستحدث المشاركة الفعالة وقد بدأت بعض الاتجاهات تكسر القوالب ...وإن كانت تتخبط فى مسارها لكنها بدأت تذهب نحو المسار السياسى وتكوين أحزاب أو ممارسة العمل السياسى بشكل عام والذى ظل مغلقا لإرغامهم على إتخاذ طريقة المشيخية والبابوية والتى ستؤدى حتماً الى الطائفية وتؤل الى العزلة وتفضى الى العنف وهوالمطلوب حتى تبررالتصفية السياسية للخصوم ويتحقق الانفراد الكامل بالسلطة.
ثانيا: هو حراسة السيل والفيضان ,والاستفادة من السيولة الفكرية بدلاً من ان تكون سيولة مدمرة كما يريدونها لنا ولكن مع تطهير مجرى الجدول (إسقاط النظام) وتطهير العوائق والعوالق (المشيخية والبابوية وأهل الوصاية ) بالخطاب الدينى الواعى الرشيد وفتح منافذ الجدول( ببناء مؤسسات الدولة) وبناء الانسان والذى لا يتأتى إلا بالتعليم الحديث والرعاية الصحية والقضاء على الفقر وحل مشاكل الاسكان ستتكون هوية المجتمع المصرى من جديد ويتجة نحو المستقبل متطلعاً للبناء الحضارى بعيداً عن إستخدام التابوهات لتحطيم المجتمع (مع التأكيد على حرية المعتقد والحفاظ على ثوابت الأمة وهويتها ثقافتها وتاريخها انتماؤها وحضارتها ) لا أن تكون سيفا مسلطاً على رقابنا جميعاً ,
هنا ستحدث الاستفادة المرجوة من هذا السيل العظيم وهذا الفيضان الوفير وبه تتحقق النهضة وهنا ستكون الحرية وهنا فقط سيكون معنى الوطن وهنا سيكون المستقبل وهنا ستصنع الحضارة .
القاهرة قى 19/1/ 2012
صابر شهاب