ثورة فى مصر... اللفظ الحدث الدلالة

بعد عدة سنوات من الان وحينما تنتصر الثورة بإذن الله... لا ندرى من سيكتب له الحياة ليرى تلك اللحظة... ومن خلالها وفيها سيقضى نحبه.... لكنه حتماً سيكون جزءاً من الماضى , ذلك الحاضر الذى نحياه تلك اللحظة التى نعيشها (انطلاق ثورة يناير ) والمعاصر لتلك اللحظة سينتابة الكثير من المشاعر... بين الصدمة... والاندهاش... وربما الضحك ... وعند انتصار الثورة ربما لن يكون هناك المزيد من الوقت للإندهاش الطويل أو الضحك حتى القليل بعد الإفاقة من الصدمة العميقة بقدر ما يحتم عليه ذلك الوقت القيام بمهام جسام... أهمها بناء الانسان بالمقام الاول الذى هو فوق كل الاشياء... ولعلها فى ذلك الوقت ستصير قيمة من القيم التى احرزتها الثورة (الكرامة الانسانية ) والتى لن تنساها الذاكرة كما لن ينساها التاريخ , بعد ان كافحت من أجلها سنوات ...لكن على الاقل ستكون مساحة هذة الصدمة والإندهاش والضحك مسار جدل الأكادميين وأصحاب الدراسات والبحوث والشغوفين والمشغولين بالهم الوطنى أو بالدراسات البحثية البحتة وجامعى التاريخ وكاتبية ...وصانعى القرار .
وحينما يتكلمون عن بداية الثورة لن يغفلوا العفوية التى حدثت ومازالت تحدث ؛و لا أقصد عفوية التصرفات ...ولكن أقصد عفوية القصد والهدف فحينما نتكلم عن (الثورة) فى (مصر)لا اقول زوبعة فى فنجان كما يراد لها ...انما أقول ......(ثورة ) (فى مصر) وحينما نفرد بالألفاظ ونقول... ثورة يتبادر الى أذهان الجميع التعريف بمعناه الانقلاب الكامل على الاوضاع والانظمة والقيم والدستور واسقاط النظام وهدم الكيان القائم ..وهذا بديهى ...لكن حينما نقول مصر (لا نقصد بلدنا)... ولكن قلب العالم ومركز السيطرة الجيوستراتيجى(جغرافى سياسى) والتقاء العالم بقاراتة ومركز الاشعاع الحضارى والثقافى وملتقى الشرق والغرب وشريان التجارة العالمية هى عبقرية الزمان والمكان... ولا أزيد عن وصف د/جمال حمدان .
لن نتكلم عن تأثير تلك الحضارة فى الحضارات الاخرى وفضلها عليها وماذا اعطت وماذا أخذت... فلذلك أحاديث أخرى لا يتسع لها المقام وليس موضوعنا اليوم .. من يملك مصر يسيطر على الشرق والغرب... ويملك مفاتيح العالم... هكذا قالوا ...أوهكذا تبدو الحقيقة
وهذا قد يفسر مقولة أن قدر هذه العبقرية أن تكون أما دولة ضعيفة تابعة منهوبة مستكينة واما أن تكون رائدة ومسيطرة ومركزية... لم ولن تمر بمرحلة وسط ...هكذا تحتم الجغرافيا وهكذا يخبرنا التاريخ
سيضحكون كثيراً ...حينما يدخلون مطبخ الثورة المصرية ويكتشفون أنهم يعملون (ثورة)(حقيقية) (فى مصر) وليس فى جمهورية من جمهوريات الموز ............
فحينما نتكلم عن ثورة فى مصر فإننا نتكلم عن هدم مكتسبات الحروب الصليبية وحتى اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح علي يد البرتغال ومحاولة تطويق العالم العربى .
- و حينما نتكلم عن ثورة فى مصر....فإننا نتكلم عن القضاء على مجهود استقر اكثر من مائتين عام منذ (نابليون) الحملة الفرنسية وحملة فريزر وما تلاها مروراً بالإحتلال الإنجليزى وصولاً إلى وراثة النفوذ الاستعمارى إلى الاحتلال الامريكى وسيطرة امريكا والاتحاد السوفيتى السابق قطبى العالم ...وحتى إلى محطة القطب الواحد والبلطجى المستبد... والذى يحكم من وراء الستار بإسم حكم العسكرواليد الخفية وما سبقها وما يتبعها من غزو فكرى وثقافى لهذه الأمة ,
وحينما نتكلم عن الثورة (المصرية ) فإننا نتكلم عن القضاء على معاهدة سايكس بيكو وتقسيم النفوذ فى الشرق الاوسط وسياسة التفتيت والتى مازالت تُمارس بمعرفة حلف الناتو ولعل آخرها على سبيل المثال نموذج إعادة إعمار ليبيا و طريقة حساب نسبة بريطانيا وفرنسا فى اعادة الاعمار وتعويضها عن كعكة العراق التى لم تنل منها بالقدر (العادل)فى المرة السابقة ؟؟؟!!!!!!
و حينما نتكلم عن ثورة فى مصر .... فإننا نتكلم عن إسقاط السيطرة الامريكية والنفوذ الامريكى الوارث للنفوذ البريطانى لمنطقة الخليج وتغيير شكل المنطقة ورسم الخريطة من جديد بعد تحرر تلك الدويلات والامارات وتحرر اراضيها من القواعد العسكرية واساطيل الجيش الامريكى والقضاء على مايسمونة (المصالح الامريكية ) فى المنطقة ونسمية نحن الاحتلال الامريكى للمنطقة.
وحينما نتكلم عن الثورة المصرية يبادر الحاخامات اليهود بالتصريح بقرب سقوط إسرائيل وتكثر الارهاصات... قبل أن ينطقها شبابنا أو شيوخنا... ذلك الكيان الاستيطانى الذى تم ذرعه والتمهيد له منذ نابليون ومجهود استعمارى لفلسطين استغرق أكثر من قرن ومازالت نيرانة مشتعلة ومازال الجرح ينزف...
حينما نتكلم عن ثورة فى مصر.....فإننا (ربما) نتكلم غير عابئيين بما نقول... وهو تحرير خط الملاحى العالمى... شريان التجارة... الطريق إلى العالم البعيد... قناة السويس... لن نتكلم عن تاريخ شق القناة والمطامع والمطامح التى استمرت وكم ستقاوم لتستمر... لكن ثورة الشباب جعلتهم لا يلقون بالاً بهذا, هل بهذه السهولة سيترك الغرب لكم مفتاح التجارة والاقتصاد وشريان الحياة التجارى ؟؟؟؟؟ .............. إنها الثورة ؟؟؟!!!!
وحينما نتكلم عن ثورة فى مصرو يكون شعارهم اسقاط النظام قد لا يعلمون ان النظام انما هو النظام العالمى الجديد (العولمة) والذى يحكم من وراء الستار بإسم حكم العسكرواليد الخفية وحينما نتكلم عن اسقاطه انما نعنى تحرير دول الجنوب من الاستعمار الشمالى ونهب ثروات الشعوب المظلومة... نحن نملك معظم الخامات المعدنية النفط والذهب واليورانيوم والفوسفات والالومنيوم والرمال السوداء وكثير من المواد الخام نحن نملك مفاتيح الطاقة أو كلها... حتى الشمس نستطيع تصديرها وكذلك الرياح ...نحن نملك غذاء للعالم كله وليس للعالم العربى فقط ....
و حينما نتكلم عن ثورة فى مصر ...نتكلم عن نظام اقتصادى عادل يوازى بين مصلحة الفرد والمجتمع( نموذج طلعت حرب الرأسمالية الوطنية الاستثمارية ), اقتصاد تكافلى لا يلغى الطموح الفردى ولا يكبتة ولا نظام رأسمالى مفترس يصل عن طريق تزاوج الثروة والسلطة وتحكم الثروة فى صناعة القوانين والذى يؤدى الى الاحتكار ويذيب الطبقة الوسطى والتى هى عصام المجتمع وبناته ويصير المجتمع نحو قطبين فقط ...,غنى محتكر... وفقير لا يجد قوت يومه... بل مدين بكروت الائتمان لسنوات قادمة فى المأكل والملبس والمشرب والمسكن وكل شئ ويتحول الاقتصاد الاستثمارى الى اقتصاد ورقى تباركة البنوك الوهمية لمزيد من الثراءوالعمولات وتعاونة البورصات لمزيد من المقامرات والمضاربات لتفريغ الاقتصاديات واجهاض رؤس الاموال الوطنية لاحداث خلل للتوازن الاقتصادى ولضعف المناعة الاقتصادية وللدوران فى فلك مايسمى حرية حركة رأس المال والاقتصاد الحر(العولمة) وكل هذا بمباركة وخطط اممي صندوق النقد والبنك الدولى وهذه هى (عبقرية العولمة)... ولا يفيقون الا على اصوات صواعق الانهيار الاقتصادى كما حدث 2008 بالرغم من صدور البيانات الدولية المطمئنة قبلها بشهور قليلة !!!
وحينما نتكلم عن ثورة فى مصر..فإننا نغير من منظومة التجارة العالمية من اكبر دول مستهلكة (اكبر سوق استهلاكى) نستطيع ان نكون اكبر سوق تجارى وصناعى وزراعى وتنموى
حينما تنجح الثورة سيندهشون فى الجرأة على التحدى العالمى والاقليمى والمحلى وعلى مواجهة الجبروت العسكرى العالمى والاخطبوط الاقتصادى المتوحش (الاقتصاد الحر)و على البلطجة العالمية (مجلس الأمن )و(الأمم المتحدة ) و على بيوت العهر السياسى و الدعارة الإقتصادية و الأشكال الجديدة للإستعمار و للتدويل و التقسيم لنهب ثروات الشعوب بغسل الأموال القذرة و الأعمال السوداء تحت مسمى العولمة و حرية رأس المال ......؟و حماية حقوق الأقليات؟ و أصبحت تجارة الأعضاء هى التجارة الرائجة اليوم... يقتلون المهاجرين على الحدود بعد اغرائهم برغد العيش على الحدود المقابلة ليجذبوا الفريسة الى موطن الهلكة يستخرجوا أعضائهم و يتم الإتجار عالمياً بها... هذه حضارة الرجل الأبيض... وهذه هى القيم الغربية...
ستسقط الأقنعة عن قيم الديمقراطيةالغربية التى يتغنى بها الغرب كقيم خاصة (للعالم الحر) و كأنه جين من جينات الرجل الأبيض و حضارته ..... بإستخدامها حق الفيتو فى نقض الأحكام المخالفة لقوى الظلم وللإستعمار لاعلى أى معيار سوى المصلحة الإقتصادية لا على حماية شعوب و أراضى أو حقوق الإنسان كل هذا هراء لا طائل ورائه .....(نموذج سوريا) واضح للعيان ...لاأدرى بأى وجه يظهرون خلف هذا الوجه القبيح المظلم وهم بين السرقة و النهب و الغش و التدليس و الإستعمار و تقسيم نفوز الصراع و نهب ثروات الشعوب ...ولا ينسو بين الحين و الأخر ان يتحدثون عن خصائص الرجل الابيض والقيم الغربية ومدى تقديسهم للحريات وحقوق الانسان ؟! هل هى كلمة السر ...أبعد كل هذا الزيف هل مازال الرجل الابيض أو السوبر مان والحضارة الغربية هى صاحبة القيم وتظل الرزائل هى صفات الكائنات التى تقطن العالم الثالث (الحقود) الذى يحصد هبات وخيرات وصدقات ومعونات العالم الحر ومكتسبات حضارته وكنوز صناعته وجودة هباته وموهوباته ...! ؟
لم يكتفوا بسرقة الماس والذهب والبترول واليورانيوم من دول افريقيا ويغرقوهم بالسلاح ويلهونهم بالنزاعات ليتحاربوا فيما بينهم حتى لايفيقوا... لم يكتفوا بذلك فقط بل لجئوا الى سفن صيد ضخمة وعملاقة تستطيع ان تسرق الاسماك من على مسافات كبيرة بشباك ضخمة أدت الى افتقار المياة الاقليمية لدول شرق افريقيا وغربها (القرن الصومالى) وكذلك مناطق الكاميرون ونيجيريا وغرب أفريقيا وتصدر فورا طازجة لاسواق أوروبا (العامرة) ليزدادوا رفاهية... بينما يخرج الصيادون الافارقة ويرجعون بشباكهم خاوية على عروشها لا يجدون ما يسد الرمق هل هذه هى الحضارة... وهل هذه هى قيم الاقتصاد الحر... هل هذه قيم الديمقراطية ؟؟؟؟؟؟
كاثرين آشتون وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبى تقول هذا الاسبوع ان النظام السابق هرّب 5 تريليون دولار تكفى لان يظهر 90 مليون ملياردير ومصر تستطيع ان تساعد ربع سكان أوروبا ..(انتهت تصريحات آشتون ) لن نقرأ الخبر قراءة عادية فهكذا قد قرأه الكثير... لكن دعونا نقرأة بطريقة أخرى ....ولعلى أجعلها اسئلة
1. من أين جاءت بهذا الرقم وهى مسئولة الخارجية بالاتحاد الاوروبى ؟
2. أين توجد هذه الاموال ؟
3. لماذا الصمت طوال هذه السنوات وما هى مصلحة الاتحاد الاوروبى فى الصمت وأين منظمات الشفافية الدولية ومكافحة الفساد ... واين ثقافة الرجل الابيض من هذا النهب من قبل الرجل الموالى لهم 30 عاما ؟ ولماذا الكلام الان بعد 30 عاما وبعد انتهاء دور الرجل...أين كانوا ؟؟؟
4. هل سترجع هذه الاموال أم لا ؟...ومتى ؟وما هو دور الاتحاد الاوروبى فى ارجاعها ؟
5. ما هى العلاقة بين المعونات الاوروبية لمصر (الغربية عموماً) وهذه المبالغ وكيف تحدد ؟
6. من هو المشرف الحقيقى على عمليات غسيل هذه الاموال ولمن تخضع هذه البنوك ؟
7. من المحتاج الحقيقى للمساعدات ...مصر ؟ ام اوروبا ومن الذى يحصل فعلاً على مساعدات حقيقية مصر ام اوروبا حيث ان معظم هذة الاموال فى اوروبا .؟

وامام احداث الثورة المصرية و تصريح كاثرين آشتون وهى بلا شك لدى البعض صادمة... إلا انها تؤكد حجم الثرورات التى يمتلكها هذا البلد... وهذه الحضارة... وحجم النهب المستمر...
(مصر تستطيع أن تساعد ربع اوروبا ) ؟ ال 90 مليون مصرى مليارديرات ؟؟؟... دعونى أسألكم أخيرا ...هل هى صدمة ؟... أم دهشة ؟... أم ضحك ..؟... هو الحال عندما تنجح الثورة .....